للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالْمَسْكَنُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا.

فَأَمَّا مَنْ لَمْ تَبِنْ مِنْهُنَّ فَإِنَّهُنَّ نِسَاؤُهُمْ يَتَوَارَثْنَ، وَلَا يَخْرُجْنَ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ مَا كُنَّ فِي عِدَّتِهِنَّ، وَلَمْ يُؤْمَرُوا بِالسُّكْنَى لَهُنَّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ لِأَزْوَاجِهِنَّ مَعَ نَفَقَتِهِنَّ وَكِسْوَتِهِنَّ، كُنَّ حَوَامِلَ أَوْ غَيْرَ حَوَامِلَ، وَإِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ بِالسُّكْنَى لِلَّاتِي بِنَّ مِنْ أَزْوَاجِهِنَّ؛ قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٦]؛ فَجَعَلَ عَزَّ وَجَلَّ لِلْحَوَامِلِ اللَّائِي قَدْ بِنَّ مِنْ أَزْوَاجِهِنَّ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةَ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي بَسْطِ ذَلِكَ وَتَحْقِيقِهِ: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ السُّكْنَى أَطْلَقَهَا لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ، فَلَمَّا ذَكَرَ النَّفَقَةَ قَيَّدَهَا بِالْحَمْلِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ الْبَائِنَ لَا نَفَقَةَ لَهَا؛ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ عَظِيمَةٌ قَدْ مَهَّدْنَا سُبُلَهَا قُرْآنًا وَسُنَّةً وَمَعْنًى فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ. وَهَذَا مَأْخَذُهَا مِنْ الْقُرْآنِ.

فَإِنْ قِيلَ: لَا حُجَّةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ} [الطلاق: ٦] رَاجِعٌ إلَى مَا قَبْلَهُ، وَهِيَ الْمُطَلَّقَةُ الرَّجْعِيَّةُ.

قُلْنَا: لَوْ كَانَ هَذَا صَحِيحًا لَمَا قَالَ: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ} [الطلاق: ٦]؛ فَإِنَّ الْمُطَلَّقَةَ الرَّجْعِيَّةَ يُنْفَقُ عَلَيْهَا حَامِلًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَ حَامِلٍ، فَلَمَّا خَصَّهَا بِذِكْرِ النَّفَقَةِ حَامِلًا دَلَّ عَلَى أَنَّهَا الْبَائِنُ الَّتِي لَا يُنْفَقُ عَلَيْهَا.

وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ الْمُطَلَّقَةَ الرَّجْعِيَّةَ وَأَحْكَامَهَا حَتَّى بَلَغَ إلَى قَوْله تَعَالَى: {ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ حُكْمًا يَعُمُّ الْمُطَلَّقَاتِ كُلَّهُنَّ مِنْ تَعْدِيدِ الْأَشْهُرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ [مِنْ الْأَحْكَامِ]، وَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ مُطَلَّقَةٍ؛ فَرَجَعَ مَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ إلَى كُلِّ مُطَلَّقَةٍ.

[مَسْأَلَة فِيمَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ رَضَاعُ الْوَلَدِ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: ٦]: قَدْ بَيَّنَّا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ شَيْئًا مِنْ مَسَائِلِ الرَّضَاعِ، وَوَضَّحْنَا أَنَّهُ يَكُونُ تَارَةً عَلَى الْأُمِّ، وَلَا يَكُونُ عَلَيْهَا تَارَةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>