للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَرْجُوهُمْ، وَمِنْ وُجُوهِهِ أَنَّهُمْ هَدَمُوا أَمْوَالَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ. وَمَنْ لَمْ يَعْتَبِرْ بِغَيْرِهِ اعْتَبَرَ بِنَفْسِهِ، وَمِنْ الْأَمْثَالِ الصَّحِيحَةِ: السَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ.

[الْآيَة الثَّالِثَةُ قَوْله تَعَالَى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّه وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ]

ِ} [الحشر: ٤].

فِيهَا مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ.

يَعْنِي نَقَضُوا الْعَهْدَ.

وَتَحْقِيقُهُ أَنَّهُمْ صَارُوا فِي شِقٍّ، أَيْ جِهَةٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أُخْرَى، وَذِكْرُ اللَّهِ مَعَ رَسُولِهِ تَشْرِيفٌ لَهُ، وَكَانَ نَقْضُهُمْ الْعَهْدَ لِخَبَرٍ؛ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ ابْنُ الْقَاسِمِ

عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: «جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّضِيرَ يَسْتَعِينُهُمْ فِي دِيَةٍ، فَقَعَدَ فِي ظِلِّ جِدَارٍ، فَأَرَادُوا أَنْ يُلْقُوا عَلَيْهِ رَحًى، فَأَخْبَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ، فَقَامَ وَانْصَرَفَ؛ وَبِذَلِكَ اسْتَحَلَّهُمْ وَأَجَلَاهُمْ إلَى خَيْبَرَ، وَصَفِيَّةُ مِنْهُمْ سَبَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْبَرَ. قَالَ: فَرَجَعَ إلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَجَلَاهُمْ عَلَى أَنَّ لَهُمْ مَا حَمَلَتْ الْإِبِلُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَالصَّفْرَاءِ، وَالْبَيْضَاءِ، وَالْحَلْقَةِ، وَالدِّنَانِ، وَمِسْكِ الْجَمَلِ».

فَالصَّفْرَاءُ وَالْبَيْضَاءُ: الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ. وَالْحَلْقَةُ: السِّلَاحُ. وَالدِّنَانُ: الْفَخَّارُ. وَمِسْكُ الْجَمَلِ: جُلُودٌ يُسْتَقَى فِيهَا الْمَاءُ بِشَعْرِهَا.

«فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ رَجَعَ إلَيْهِمْ: يَا أَخَابِثَ خَلْقِ اللَّهِ، يَا إخْوَةَ الْخَنَازِيرِ وَالْقِرَدَةِ». قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ مَالِكٌ: فَقَالُوا: مَهْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، فَمَا كُنْت فَحَّاشًا. وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إضْمَارَ الْخِيَانَةِ نَقْضٌ لِلْعَهْدِ؛ لِأَنَّهُ انْعَقَدَ قَوْلًا [فَيَنْتَقِضُ قَوْلًا]، وَالْعَقْدُ إذَا ارْتَبَطَ بِالْقَوْلِ انْتَقَضَ بِالْقَوْلِ وَبِالْفِعْلِ، وَإِذَا ارْتَبَطَ بِالْفِعْلِ لَمْ يَنْتَقِضْ إلَّا بِالْفِعْلِ، كَالنِّكَاحِ يَرْتَبِطُ بِالْقَوْلِ وَيَنْحَلُّ بِالْقَوْلِ، وَهُوَ الطَّلَاقُ، وَبِالْفِعْلِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>