[مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى إذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْله تَعَالَى: {إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [البقرة: ١٨٠]: قَالَ عُلَمَاؤُنَا: لَيْسَ يُرِيدُ حُضُورَ الْمَوْتِ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ لَا تُقْبَلُ لَهُ تَوْبَةٌ، وَلَا لَهُ فِي الدُّنْيَا حِصَّةٌ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ نَنْظِمَ مِنْ كَلَامِهَا لَفْظَةً، وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ مَحْمُولًا عَلَيْهِ لَكَانَ تَكْلِيفٌ مُحَالٌ لَا يُتَصَوَّرُ؛ وَلَكِنْ يَرْجِعُ ذَلِكَ إلَى مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا: إذَا قَرُبَ حُضُورُ الْمَوْتِ، وَأَمَارَةُ ذَلِكَ كِبَرُهُ فِي السِّنِّ؛ أَوْ سَفَرٍ فَإِنَّهُ غَرَرٌ أَوْ تَوَقُّعُ أَمْرٍ طَارِئٍ غَيْرِ ذَلِكَ؛ أَوْ تَحَقُّقُ النَّفْسِ لَهُ بِأَنَّهَا سَبِيلٌ هُوَ آتِيهَا لَا مَحَالَةَ [إذْ الْمَوْتُ رُبَّمَا طَرَأَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا].
الثَّانِي: أَنَّ مَعْنَاهُ إذَا مَرِضَ؛ فَإِنَّ الْمَرَضَ سَبَبُ الْمَوْتِ، وَمَتَى حَضَرَ السَّبَبُ كَنَّتْ بِهِ الْعَرَبُ عَنْ الْمُسَبَّبِ قَالَ شَاعِرُهُمْ:
وَقُلْ لَهُمْ بَادِرُوا بِالْعُذْرِ وَالْتَمِسُوا ... قَوْلًا يُبَرِّئْكُمْ إنِّي أَنَا الْمَوْتُ
[مَسْأَلَةٌ الْوَصِيَّةُ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْله تَعَالَى: {الْوَصِيَّةُ} [البقرة: ١٨٠]: هِيَ الْقَوْلُ الْمُبَيِّنُ لِمَا يَسْتَأْنِفُ عَمَلَهُ وَالْقِيَامَ بِهِ، وَهِيَ هَاهُنَا مَخْصُوصَةٌ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَكَذَلِكَ فِي الْإِطْلَاقِ وَالْعُرْفِ.
[مَسْأَلَةٌ تَأْخِيرُ الْوَصِيَّةِ إلَى الْمَرَضِ]
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ تَأْخِيرُ الْوَصِيَّةِ إلَى الْمَرَضِ مَذْمُومٌ شَرْعًا، رَوَى مُسْلِمٌ وَالْأَئِمَّةُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ: أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: أَنْ تَتَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ حَرِيصٌ تَأْمُلُ الْغِنَى وَتَخْشَى الْفَقْرَ، وَلَا تُمْهِلُ حَتَّى إذَا بَلَغَتْ الْحُلْقُومَ قُلْت: لِفُلَانٍ كَذَا، وَلِفُلَانٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ كَذَا».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute