يُرِيدُ بِالْمُعْتَرِينَ مَنْ يُقِيمُ لِلزِّيَارَةِ، وَذُو الرَّحْلِ مَنْ يَمُرُّ بِك فَتُضَيِّفُهُ. وَقَالَ زُهَيْرٌ:
عَلَى مُكْثِرِيهِمْ رِزْقُ مَنْ يَعْتَرِيهِمْ ... وَعِنْدَ الْمُقِلِّينَ السَّمَاحَةُ وَالْبَذْلُ
وَيُعَضِّدُ هَذَا قَوْله تَعَالَى: {إِنْ نَقُولُ إِلا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ} [هود: ٥٤] يُرِيدُ نَزَلَ بِك؛ فَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمُعْتَلِّ. وَأَمَّا مَا وَرَدَ فِي الْمُضَاعَفِ، فَكَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
يُعْطِي ذَخَائِرَ مَالِهِ ... مُعَتَّرَهُ قَبْلَ السُّؤَالِ
وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
أَيَا خَيْرَ مَنْ يَأْتِهِ الطَّارِقُو ... نَ إمَّا عِيَادًا وَإِمَّا اعْتِرَارًا
وَقَالَ آخَرُ:
لَمَالُ الْمَرْءِ يُصْلِحُهُ فَيُغْنِي ... مَفَاقِرَهُ أَعَفُّ مِنْ الْقُنُوعِ
قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ: وَاَلَّذِي عِنْدِي فِيهِ أَنَّ الْمَعْنَى فِيهِمَا مُتَقَارِبٌ كَتَقَارُبِ مَعْنَى الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ.
وَحَقِيقَةُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِالْأَكْلِ وَإِطْعَامِ الْفَقِيرِ. وَالْفَقِيرُ عَلَى قِسْمَيْنِ: مُلَازِمٌ لَك، وَمَارٌّ بِك، فَأَذِنَ اللَّهُ فِي إطْعَامِ الْكُلِّ مِنْهُمَا مَعَ اخْتِلَافِ حَالِهِمَا، وَمِنْ هَاهُنَا وَهِمَ بَعْضُ النَّاسِ فِيهِ، فَقَالَ وَهِيَ:
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: إنَّ الْقَانِعَ هُوَ جَارُك الْغَنِيُّ، وَلَيْسَ لِذَلِكَ وَجْهٌ كَمَا بَيَّنَّاهُ.
[مَسْأَلَة الْهَدْيَ يُقَسَّمُ أَثْلَاثًا]
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ:
قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ الْهَدْيَ يُقَسَّمُ أَثْلَاثًا: قِسْمٌ يَأْكُلُهُ صَاحِبُهُ، وَقِسْمٌ يَأْخُذُهُ الْقَانِعُ، وَقِسْمٌ يَأْخُذُهُ الْمُعْتَرُّ، وَإِنَّمَا يُقَسَّمُ قِسْمَيْنِ: قِسْمٌ يَأْخُذُهُ الْآكِلُ، وَقِسْمٌ يَأْخُذُهُ الْقَانِعُ وَالْمُعْتَرُّ؛ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ: لَيْسَ عِنْدَنَا فِي الضَّحَايَا قِسْمٌ مَعْلُومٌ مَوْصُوفٌ.
قَالَ مَالِكٌ فِي حَدِيثِهِ: بَلَغَنِي عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ شَيْءٌ لَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا، وَهُوَ