للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا هُوَ الْمَعْنِيُّ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: ٦] وَقَدْ بَيَّنَّا وُجُوبَ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَتَحْقِيقُهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَالْمَسَائِلِ، وَهَبْكُمْ أَنَّا لَا نَحْمِلُ الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيَّدِ فَالْحُكْمُ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً لَا وَجْهَ لَهُ، لَا سِيَّمَا وَأَبُو حَنِيفَةَ يَرَى الْمُقَدَّرَاتِ لَا تَثْبُتُ قِيَاسًا، وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ مِنْ جِهَةِ النَّصِّ، وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَصٌّ وَلَا قَوْلٌ مِنْ جَمِيعِ وُجُوهِهِ، وَلَا يَشْهَدُ لَهُ الْمَعْنَى.

[الْآيَة الثَّالِثَةُ قَوْله تَعَالَى وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى]

فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا} [النساء: ٣] فِيهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا: ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ عُرْوَةَ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَتْ: " هِيَ الْيَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حِجْرِ الرَّجُلِ تُشْرِكُهُ فِي مَالِهِ، وَيُعْجِبُهُ مَالُهَا وَجَمَالَهَا، وَيُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَلَا يُقْسِطَ لَهَا فِي صَدَاقِهَا، فَيُعْطِيَهَا مِثْلَ مَا يُعْطِيهَا غَيْرُهُ، فَنُهُوا عَنْ أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ حَتَّى يُقْسِطُوا لَهُنَّ، وَيُعْطُوهُنَّ أَعْلَى سُنَّتِهِنَّ فِي الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا طَابَ لَهُمْ مِنْ النِّسَاءِ سِوَاهُنَّ. قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: «وَإِنَّ النَّاسَ اسْتَفْتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذِهِ الْآيَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} [النساء: ١٢٧]» قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: وَقَوْلُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فِي آيَةٍ أُخْرَى: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: ١٢٧] هِيَ رَغْبَةُ أَحَدِهِمْ عَنْ يَتِيمَتِهِ حِينَ تَكُونُ قَلِيلَةَ الْمَالِ وَالْجَمَالِ، فَنُهُوا عَنْ أَنْ يَنْكِحُوا مَنْ رَغِبُوا فِي مَالِهِ وَجَمَالِهِ مِنْ يَتَامَى النِّسَاءِ إلَّا بِالْقِسْطِ

<<  <  ج: ص:  >  >>