وَعَوَّلَ مَالِكٌ عَلَى أَنَّهُ إذَا قَصَدَ الْكَفَّارَةَ فَيَلْزَمُهُ مَا الْتَزَمَ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَقْصِدْ الْكَفَّارَةَ، وَإِنَّمَا قَصَدَ إلَى تَثْنِيَةِ الْيَمِينِ فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى كَفَّارَتَيْنِ كَمَا لَوْ حَلَفَ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ عَلَى مَعْنَيَيْنِ أَوْ شَيْئَيْنِ، فَإِنَّ كَفَّارَةً وَاحِدَةً تُجْزِيهِ.
[الْآيَة السَّادِسَة عَشْرَة قَوْله تَعَالَى فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ]
ِ} [النحل: ٩٨]. فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: انْتَهَى الْعِيُّ بِقَوْمٍ إلَى أَنْ قَالُوا: إنَّ الْقَارِئَ إذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ حِينَئِذٍ يَسْتَعِيذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ. وَقَالَ الْعُلَمَاءُ: إذَا أَرَادَ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ تَعَوَّذَ بِاَللَّهِ، وَتَأَوَّلُوا ظَاهِرَ " إذَا قَرَأْت " عَلَى أَنَّهُ إذَا أَرَدْت، كَمَا قَالَ: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: ٦] مَعْنَاهُ، إذَا أَرَدْتُمْ الْقِيَامَ إلَى الصَّلَاةِ، وَكَقَوْلِهِ: إذَا أَكَلْت فَسَمِّ اللَّهَ؛ مَعْنَاهُ: إذَا أَرَدْت الْأَكْلَ. وَحَقِيقَةُ الْقَوْلِ فِيهِ أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ " فَعَلَ " يَحْتَمِلُ ابْتَدَأَ الْفِعْلَ، وَيَحْتَمِلُ تَمَادِيهِ فِي الْفِعْلِ، وَيَحْتَمِلُ تَمَامَهُ لِلْفِعْلِ. وَحَقِيقَتُهُ تَمَامُ الْفِعْلِ وَفَرَاغُهُ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ قَوْمٍ أَنَّ حَقِيقَتَهُ كَانَ فِي الْفِعْلِ، وَاَلَّذِي رَأَيْنَاهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ بِنَاءَ الْمَاضِي هُوَ فَعَلَ، كَمَا أَنَّ بِنَاءَ الْحَالِ هُوَ يَفْعَلُ، وَهُوَ بِنَاءُ الْمُسْتَقْبَلِ بِعَيْنِهِ.
وَيُخَلِّصُهُ لِلْحَالِ تَعْقِيبُهُ بِقَوْلِك الْآنَ، وَيُخَلِّصُهُ لِلِاسْتِقْبَالِ قَوْلُك سَيَفْعَلُ، هَذَا مُنْتَهَى الْحَقِيقَةِ فِيهِ. وَإِذَا قُلْنَا: قَرَأَ، بِمَعْنَى أَرَادَ، كَانَ مَجَازًا، وَوَجَدْنَا مُسْتَعْمَلًا، وَلَهُ مِثَالٌ فَحَمَلْنَاهُ عَلَيْهِ. فَإِنْ قِيلَ: وَمَا الْفَائِدَةُ فِي الِاسْتِعَاذَةِ مِنْ الشَّيْطَانِ وَقْتَ الْقِرَاءَةِ؟ وَهِيَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute