الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قُلْنَا: فَائِدَتُهُ امْتِثَالُ الْأَمْرِ؛ وَلَيْسَ لِلشَّرْعِيَّاتِ فَائِدَةٌ إلَّا الْقِيَامُ بِحَقِّ الْوَفَاءِ فِي امْتِثَالِهَا أَمْرًا، أَوْ اجْتِنَابِهَا نَهْيًا. وَقَدْ قِيلَ: فَائِدَتُهَا الِاسْتِعَاذَةُ مِنْ وَسَاوِسِ الشَّيْطَانِ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} [الحج: ٥٢] يَعْنِي فِي تِلَاوَتِهِ. وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي جُزْءِ تَنْبِيهِ الْغَبِيِّ عَلَى مِقْدَارِ النَّبِيِّ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا افْتَتَحَ الْقِرَاءَةَ فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَ، ثُمَّ يَقُولُ: سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، وَتَبَارَكَ اسْمُك، وَتَعَالَى جَدُّك، وَلَا إلَهَ غَيْرُك، ثُمَّ يَقُولُ: لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ، ثَلَاثًا. ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، ثَلَاثًا، أَعُوذُ بِاَللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ»، ثُمَّ يَقْرَأُ. هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَاللَّفْظُ لَهُ. وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَتَعَوَّذُ فِي صَلَاتِهِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ»، وَهَذَا نَصٌّ فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ يَرَى الْقِرَاءَةَ قَبْلَ الِاسْتِعَاذَةِ بِمُطْلَقِ ظَاهِرِ اللَّفْظِ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَتَعَوَّذُ فِي الْفَرِيضَةِ، وَيَتَعَوَّذُ فِي النَّافِلَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ: فِي قِيَامِ رَمَضَانَ. وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ: " سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك " قَبْلَ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ. وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَجْهَرُ بِذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْكُتُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ إسْكَاتَةً فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ إسْكَاتُك بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ مَا تَقُولُ فِيهِ؟ قَالَ: أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ، كَمَا بَاعَدْت بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute