الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ:
يَجُوزُ الِاسْتِبَاقُ مِنْ غَيْرِ سَبَقٍ يُجْعَلُ، وَيَجُوزُ بِسَبَقٍ، فَإِنْ أَخْرَجَ أَحَدُ الْمُتَسَابِقِينَ سَبَقًا عَلَى أَنْ يَأْخُذَهُ الْآخَرُ إنْ سَبَقَ، وَإِنْ سَبَقَ هُوَ أَخَذَهُ الَّذِي يَلِيهِ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ. وَقَالَ مَالِكٌ. وَرَوَى ابْنُ مَزِيدٍ عَنْ مَالِكٍ أَنْ يَأْخُذَهُ مَنْ حَضَرَ، فَذَلِكَ أَيْضًا جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنْ يَأْخُذَهُ الْخَارِجُ إنْ سَبَقَ فَفِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ: كَرِهَهُ مَالِكٌ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا خَيْرَ فِيهِ، وَجَوَّزَهُ ابْنُ وَهْبٍ، وَبِهِ أَقُولُ؛ لِأَنَّهُ لَا غَرَرَ فِيهِ، وَلَا دَلِيلَ يُحَرِّمُهُ.
قَالَ عُلَمَاؤُنَا: وَهَذَا إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُحَلَّلٌ، عَلَى أَنَّهُ إنْ سَبَقَ أَخَذَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ سَبَقَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ جَازَ، جَوَّزَهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَمَالِكٌ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَمَنَعَهُ فِي الْآخَرِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ مَعْرِفَةُ أَحَدٍ بِحَالِ فَرَسِ صَاحِبِهِ، بَلْ يَجُوزُ عَلَى الْجَهَالَةِ وَلَهُمَا حُكْمُ الْقَدَرِ، وَمَسَائِلُ السِّبَاقِ فِي الْفُرُوعِ مُسْتَوْفَاةٌ.
[الْآيَة الثَّالِثَةُ قَوْله تَعَالَى وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ]
ٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: ١٨].
فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: أَرَادُوا أَنْ يَجْعَلُوا الدَّمَ عَلَامَةً عَلَى صِدْقِهِمْ، فَرُوِيَ فِي الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَرَنَ بِهَذِهِ الْعَلَامَةِ عَلَامَةً تُعَارِضُهُمَا؛ وَهِيَ سَلَامَةُ الْقَمِيصِ فِي التَّلْبِيبِ؛ وَالْعَلَامَاتُ إذَا تَعَارَضَتْ تَعَيَّنَ التَّرْجِيحُ، فَيُقْضَى بِجَانِبِ الرُّجْحَانِ، وَهِيَ قُوَّةُ التُّهْمَةِ لِوُجُوهٍ تَضَمَّنَهَا الْقُرْآنُ، مِنْهَا طَلَبُهُمْ إيَّاهُ شَفَقَةً، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِهِمْ مَا يُنَاسِبُهَا، فَيَشْهَدُ بِصِدْقِهَا، بَلْ كَانَ سَبَقَ ضِدُّهَا، وَهِيَ تَبَرُّمُهُمْ بِهِ.
وَمِنْهَا أَنَّ الدَّمَ مُحْتَمَلٌ أَنْ يَكُونَ فِي الْقَمِيصِ مَوْضُوعًا، وَلَا يُمْكِنُ افْتِرَاسُ الذِّئْبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute