للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعْلِيمِكُمْ، فَإِنَّهُ فَرْضٌ عَلَيْكُمْ أَوْ إشْرَاكٌ فِي نِيَّتِكُمْ، أَوْ اسْتِعْجَالٌ لِأَجْرِكُمْ، أَوْ تَبْدِيلٌ لِأَمْرِ الْآخِرَةِ بِأَمْرِ الدُّنْيَا؛ وَاخْتَارَهُ الطَّبَرِيُّ عَلَى قِرَاءَةِ فَتْحِ التَّاءِ. قَالَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعَرَبِيُّ: كَذَلِكَ يَقْتَضِي صِفَةَ الْعِلْمِ وَقِرَاءَتَهُ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ إنَّمَا هُوَ لِلتَّعْلِيمِ لِتَحْرِيمِ كِتْمَانِ الْعِلْمِ، وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ قَرِيبٌ؛ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ تَحْرِيرِهِ.

[الْآيَة الثَّانِيَة عَشْرَة قَوْله تَعَالَى لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ]

َ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [آل عمران: ٩٢] فِيهَا خَمْسُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْله تَعَالَى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ} [آل عمران: ٩٢] مَعْنَاهُ تُصِيبُوا، يُقَالُ: نَالَنِي خَيْرٌ يَنُولُنِي، وَأَنَالَنِي خَيْرًا؛ وَيُقَالُ: نِلْتُهُ أَنُولُهُ مَعْرُوفًا وَنَوَّلْتُهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا} [الحج: ٣٧] أَيْ لَا يَصِلُ إلَى اللَّهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِتَقْدِيسِهِ عَنْ الِاتِّصَالِ وَالِانْفِصَالِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: {الْبِرَّ} [آل عمران: ٩٢] وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي كِتَابِ " الْأَمَدِ الْأَقْصَى " وَشَفَيْنَا النَّفْسَ مِنْ إشْكَالِهِ. قِيلَ: إنَّهُ ثَوَابُ اللَّهِ، وَقِيلَ: إنَّهُ الْجَنَّةُ؛ وَذَلِكَ يَصِلُ الْبِرُّ إلَيْهِ لِكَوْنِهِ عَلَى الصِّفَاتِ الْمَأْمُورِ بِهَا.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: {حَتَّى تُنْفِقُوا} [آل عمران: ٩٢] الْمَعْنَى حَتَّى تُهْلِكُوا، يُقَالُ: نَفِقَ إذَا هَلَكَ. الْمَعْنَى حَتَّى تُقَدِّمُوا مِنْ أَمْوَالِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا تَتَعَلَّقُ بِهِ قُلُوبُكُمْ.

[مَسْأَلَةٌ تَفْسِيرِ النَّفَقَةِ فِي قَوْله تَعَالَى حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ]

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ النَّفَقَةِ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَهِيَ صَدَقَةُ الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ. وَقِيلَ: هِيَ سُبُلُ الْخَيْرِ كُلُّهَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ لِعُمُومِ الْآيَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>