فَلَا تَعَلُّقَ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِأَحَدٍ. وَتَحْرِيرُ الْجَوَابِ الْقُطْعُ لِتَشْغِيبِهِمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَتَّبَ التَّخْيِيرَ عَلَى الْمُحَارَبَةِ وَالْفَسَادِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْفَسَادَ وَحْدَهُ مُوجِبٌ لِلْقَتْلِ وَمَعَ الْمُحَارَبَةِ أَشَدُّ.
[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى أَوْ يُنْفَوْا مِنْ الْأَرْضِ]
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: قَوْله تَعَالَى: {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} [المائدة: ٣٣] فِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلُ: يُسْجَنُ؛ قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَهْلُ الْكُوفَةِ، وَهُوَ مَشْهُورٌ مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْجِنَايَةِ.
الثَّانِي: يُنْفَى إلَى بَلَدِ الشِّرْكِ؛ قَالَهُ أَنَسٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَغَيْرُهُمْ.
الثَّالِثُ: يُخْرَجُونَ مِنْ مَدِينَةٍ إلَى مَدِينَةٍ أَبَدًا؛ قَالَهُ ابْنُ جُبَيْرٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ.
الرَّابِعُ: يُطْلَبُونَ بِالْحُدُودِ أَبَدًا فَيَهْرُبُونَ مِنْهَا؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَمَالِكٌ.
وَالْحَقُّ أَنْ يُسْجَنَ، فَيَكُونُ السِّجْنُ لَهُ نَفْيًا مِنْ الْأَرْضِ، وَأَمَّا نَفْيُهُ إلَى بَلَدِ الشِّرْكِ فَعَوْنٌ لَهُ عَلَى الْفَتْكِ. وَأَمَّا نَفْيُهُ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ فَشُغْلٌ لَا يُدَانُ بِهِ لِأَحَدٍ، وَرُبَّمَا فَرَّ فَقَطَعَ الطَّرِيقَ ثَانِيَةً. وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: يُطْلَبُ أَبَدًا وَهُوَ يَهْرُبُ مِنْ الْحَدِّ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ؛ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ بِجَزَاءٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مُحَاوَلَةُ طَلَبِ الْجَزَاءِ.
[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: قَوْله تَعَالَى: {أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ} [المائدة: ٣٣] قَالَ الشَّافِعِيُّ: إذَا أُخِذَ فِي الْحِرَابَةِ نَصَّابًا. قُلْنَا: أَنْصِفْ مِنْ نَفْسِك أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَوَفِّ شَيْخَكَ حَقَّهُ لِلَّهِ. إنَّ رَبَّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨]. فَاقْتَضَى هَذَا قَطْعَهُ فِي حَقِّهِ. وَقَالَ فِي الْمُحَارَبَةِ: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: ٣٣] فَاقْتَضَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute