وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِإِيتَاءِ الزَّكَاةِ هَاهُنَا تَفْسِيرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} [البقرة: ١٧٧]؛ فَبَيَّنَ الْمَالَ الْمُؤْتَى وَوَجْهَ الْإِيتَاءِ فِيهِ، وَهُوَ الزَّكَاةُ.
وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُمَا فَائِدَتَانِ: الْإِيتَاءُ الْأَوَّلُ فِي وُجُوهِهِ، فَتَارَةً يَكُونُ نَدْبًا، وَتَارَةً يَكُونُ فَرْضًا؛ وَالْإِيتَاءُ الثَّانِي هُوَ الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ.
[الْآيَة الثَّالِثَةُ وَالثَّلَاثُونَ قَوْله تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى]
الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: ١٧٨].
فِيهَا إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا: قَالَهَا الشَّعْبِيُّ وَقَتَادَةُ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ: إنَّهَا نَزَلَتْ فِيمَنْ كَانَ مِنْ الْعَرَبِ لَا يَرْضَى أَنْ يَأْخُذَ بِعَبْدٍ إلَّا حُرًّا، وَبِوَضِيعٍ إلَّا شَرِيفًا، وَبِامْرَأَةٍ إلَّا رَجُلًا ذَكَرًا، وَيَقُولُونَ: الْقَتْلُ أَنْفَى لِلْقَتْلِ، فَرَدَّهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ ذَلِكَ إلَى الْقِصَاصِ، وَهُوَ الْمُسَاوَاةُ مَعَ اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ، فَقَالَ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: ١٧٨]. وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَلْبَابِ} [البقرة: ١٧٩] وَبَيْنَ الْكَلَامَيْنِ فِي الْفَصَاحَةِ وَالْعَدْلِ بَوْنٌ عَظِيمٌ.
[مَسْأَلَةٌ مَعْنَى قَوْله كُتِبَ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا: مَعْنَى {كُتِبَ} [البقرة: ١٧٨]: فُرِضَ وَأُلْزِمَ، وَكَيْفَ يَكُونُ هَذَا وَالْقِصَاصُ غَيْرُ وَاجِبٍ، وَإِنَّمَا هُوَ لِخِيرَةِ الْوَلِيِّ؛ وَمَعْنَى ذَلِكَ كُتِبَ وَفُرِضَ إذَا أَرَدْتُمْ [اسْتِيفَاءَ]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute