الثَّانِي: أَنَّهُمَا لَا يَجِبَانِ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ مَعَ أَنَّهُ يَعُمُّ جَمِيعَ الْبَدَنِ، وَالْمَسْأَلَةُ هُنَاكَ مُسْتَوْفَاةٌ، فَمَنْ أَرَادَهَا وَجَدَهَا.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: إنَّ اسْمَ الْجَنَابَةِ بَاقٍ عَلَيْهِ حَتَّى يَغْتَسِلَ؛ لِأَنَّهُ حُكْمُ مُدَّةٍ إلَى غَايَةٍ هِيَ الِاغْتِسَالُ، وَالْحُكْمُ الْمُعَلَّقُ بِالْغَايَةِ يَمْتَدُّ إلَى غَايَتِهِ، وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَيْهِ فِي كُتُبِ الْمَسَائِلِ.
[مَسْأَلَة الطَّهَارَةَ لَا تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ]
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: ٤٣]: يَقْتَضِي النِّيَّةَ، خِلَافًا لِمَا رَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكٍ، وَلِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ مِنْ أَنَّ الطَّهَارَةَ لَا تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ؛ وَلَفْظُ " اغْتَسَلَ " يَقْتَضِي اكْتِسَابَ الْفِعْلِ، وَلَا يَكُونُ مُكْتَسَبًا لَهُ إلَّا بِالْقَصْدِ إلَيْهِ حَقِيقَةً، فَمَنْ أَخْرَجَهُ إلَى الْمَجَازِ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ.
وَقَدْ اسْتَوْفَيْنَاهَا فِي كُتُبِ الْخِلَافِ بِالْإِنْصَافِ وَالتَّلْخِيصِ؛ أَعْظَمُهَا أَنَّ الْوُضُوءَ عِبَادَةٌ اُشْتُرِطَتْ فِيهَا النِّيَّةُ كَالصَّلَاةِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ عِبَادَةٌ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْوُضُوءُ شَطْرُ الْإِيمَانِ». وَلَا يَكُونُ شَطْرُ الشَّيْءِ إلَّا مِنْ جِنْسِهِ. قَالَ: وَالْوُضُوءُ نُورٌ عَلَى نُورٍ، وَلَا تَسْتَنِيرُ الْجَوَارِحُ بِالْمُبَاحَاتِ، وَإِنَّمَا تَسْتَنِيرُ بِالطَّاعَاتِ وَالْعِبَادَاتِ. وَقَالَ: «إذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ خَرَجَتْ خَطَايَاهُ» الْحَدِيثَ، وَلَا يَنْفِي الْأَوْزَارَ إلَّا الْعِبَادَاتُ، وَالْقُرْآنُ يَقْتَضِي وُجُوبَ النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ فِي آيَةِ الْمَائِدَةِ عَلَى مَا سَتَرَوْنَهُ مَشْرُوحًا إنْ شَاءَ اللَّهُ.
[مَسْأَلَة التَّيَمُّمُ لِلْمَرِيضِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى} [النساء: ٤٣]: الْمَرَضُ عِبَارَةٌ عَنْ خُرُوجِ الْبَدَنِ عَنْ الِاعْتِدَالِ وَالِاعْتِيَادِ إلَى الِاعْوِجَاجِ وَالشُّذُوذِ؛ وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: يَسِيرٌ وَكَثِيرٌ، وَقَدْ يَخَافُ الْمَرِيضُ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ، وَقَدْ يَعْدَمُ مَنْ يُنَاوِلُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute