دَعَاهُ إلَى الْمُحَاكِمَةِ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَبَى أَنْ يَتْبَعَهُ، وَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ الْأَمْرُ حَتَّى تَدَافَعُوا، وَتَنَاوَلَ بَعْضُهُمْ بِالْأَيْدِي وَالنِّعَالِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِيهِمْ.
الثَّالِثُ مَا رَوَاهُ أَسْبَاطُ عَنْ السُّدِّيِّ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ تُدْعَى أُمَّ زَيْدٍ، وَأَنَّ الْمَرْأَةَ أَرَادَتْ أَنْ تَزُورَ أَهْلَهَا فَحَبَسَهَا زَوْجُهَا، وَجَعَلَهَا فِي عِلِّيَّةٍ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهَا، وَإِنَّ الْمَرْأَةَ بَعَثَتْ إلَى أَهْلِهَا، فَجَاءَ قَوْمُهَا فَأَنْزَلُوهَا لِيَنْطَلِقُوا بِهَا، فَخَرَجَ الرَّجُلُ فَاسْتَغَاثَ بِأَهْلِهِ؛ فَجَاءَ بَنُو عَمِّهِ لِيَحُولُوا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبَيْنَ أَهْلِهَا؛ فَتَدَافَعُوا وَاجْتَلَدُوا بِالنِّعَالِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِيهِمْ.
الرَّابِعُ مَا حَكَى قَوْمٌ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي رَهْطِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ مِنْ الْخَزْرَجِ وَرَهْطِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ مِنْ الْأَوْسِ، وَسَبَبُهُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَفَ عَلَى حِمَارٍ لَهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ، وَهُوَ فِي مَجْلِسِ قَوْمِهِ، فَرَاثَ حِمَارُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ سَطَعَ غُبَارُهُ، فَأَمْسَكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ أَنْفَهُ، وَقَالَ: لَقَدْ آذَانَا نَتِنُ حِمَارِك. فَغَضِبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، وَقَالَ: إنَّ حِمَارَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَطْيَبُ رِيحًا مِنْك وَمِنْ أَبِيك؛ فَغَضِبَ قَوْمُهُ وَاقْتَتَلُوا بِالنِّعَالِ وَالْأَيْدِي، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِيهِمْ».
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ: الْأَخِيرَةُ، وَالْآيَةُ تَقْتَضِي جَمِيعَ مَا رُوِيَ لِعُمُومِهَا وَمَا لَمْ يُرْوَ، فَلَا يَصِحُّ تَخْصِيصُهَا بِبَعْضِ الْأَحْوَالِ دُونَ بَعْضٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الطَّائِفَةُ كَلِمَةٌ تُطْلَقُ فِي اللُّغَةِ عَلَى الْوَاحِدِ مِنْ الْعَدَدِ، وَعَلَى مَا لَا يَحْصُرُهُ عَدَدٌ، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ.
[مَسْأَلَة حَرْبِ الْمُتَأَوِّلِينَ]
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: هَذِهِ الْآيَةُ هِيَ الْأَصْلُ فِي قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْعُمْدَةُ فِي حَرْبِ الْمُتَأَوِّلِينَ، وَعَلَيْهَا عَوَّلَ الصَّحَابَةُ، وَإِلَيْهَا لَجَأَ الْأَعْيَانُ مِنْ أَهْلِ الْمِلَّةِ، وَإِيَّاهَا عَنَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ: «يَقْتُلُ عَمَّارًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute