للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَة اسْتِعْمَالُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ]

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ فَأَمَّا اسْتِعْمَالُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَفِي صَحِيحِ الْحَدِيثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِلَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةٍ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ. فَإِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمِ».

وَرَوَى حُذَيْفَةُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهِمَا، وَلَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَالدِّيبَاجَ فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَنَا فِي الْآخِرَةِ».

وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ.

وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي اسْتِعْمَالِهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ؛ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلرِّجَالِ اسْتِعْمَالُهَا فِي شَيْءٍ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ: «هَذَانِ حَرَامَانِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حِلٌّ لِإِنَاثِهَا»؛ وَالنَّهْيُ عَنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِيهَا، وَسَائِرُ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ اسْتِعْمَالِهَا؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْمَتَاعِ، فَلَمْ يَجُزْ، أَصْلُهُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ؛ وَلِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ اسْتِعْجَالُ أَجْرِ الْآخِرَةِ؛ وَذَلِكَ يَسْتَوِي فِيهِ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَسَائِرُ أَجْزَاءِ الِانْتِفَاعِ؛ وَلِأَنَّهُ «- عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ: هِيَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَنَا فِي الْآخِرَةِ»؛ فَلَمْ يَجْعَلْ لَنَا فِيهَا حَظًّا فِي الدُّنْيَا.

[مَسْأَلَة إذَا كَانَ الْإِنَاءُ مُضَبَّبًا بِالذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّة أَوْ فِيهِ حَلْقَةٌ مِنْهُمَا]

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ إذَا كَانَ الْإِنَاءُ مُضَبَّبًا بِهِمَا أَوْ فِيهِ حَلْقَةٌ مِنْهُمَا، فَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُشْرَبَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْمِرْآةُ تَكُونُ فِيهَا الْحَلْقَةُ مِنْ الْفِضَّةِ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَنْظُرَ فِيهَا وَجْهَهُ، وَقَدْ كَانَ عِنْدَ أَنَسٍ إنَاءٌ مُضَبَّبٌ بِالْفِضَّةِ. وَقَالَ: «لَقَدْ سَقَيْت فِيهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -».

قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: كَانَتْ فِيهِ حَلْقَةُ حَدِيدٍ، فَأَرَادَ أَنَسٌ أَنْ يَجْعَلَ فِيهِ حَلْقَةَ فِضَّةً، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِمَّا صَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَتَرَكَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>