ذُكِرَ غَيْرُ اللَّهِ عَلَيْهَا، وَهَذَا نَاسِخٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١٢١].
وَقَدْ بَيَّنَّا فِي الْقِسَمِ الثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ بِنَسْخٍ، وَسَنُشِيرُ إلَيْهِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ]
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: لَمَّا قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: ٥] تَضَمَّنَ أَهْلَ الْكِتَابِ وَهُمْ بَنُو إسْرَائِيلَ، فَهَلْ يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ مَنْ دَانَ بِدِينِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ؟ يَنْبَنِي عَلَى أَصْلٍ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ وَهُوَ أَنَّ مَنْ لَمْ يَدْعُهُ النَّبِيُّ فَاتَّبَعَهُ، هَلْ يَكُونُ لَهُ حُكْمٌ مِنْ دُعَائِهِ أَمْ لَا؟ وَقَدْ بَيَّنَّا فِي مَوْضِعِهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَرْعٍ دَخَلَ فِي حُكْمِهِمْ، أَوْ كَانَ عَلَى شَرْعٍ دُرِسَ عَنْهُ.
إذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ مِنْ الْعَرَبِ مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ؛ فَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ تُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ، وَأَلْحَقَهُمْ بِالْكِتَابِيِّينَ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: ٥١]، وَبِهِ قَالَ الشَّعْبِيُّ وَالشَّافِعِيُّ. وَقَرَأَ الشَّعْبِيُّ: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤]. وَقَالَهُ ابْنُ شِهَابٍ، وَقَالَ: لِأَنَّهُمْ يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ إشَارَةً إلَى مَا قُلْنَاهُ مِنْ تَعَلُّقِهِمْ بِاللَّفْظِ؛ وَبِهَذَا قَالَ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ.
وَعَنْ عُلَمَائِنَا رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا مَا تَقَدَّمَ. وَالثَّانِيَةُ: لَا تُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ. وَبِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَعَائِشَةُ وَعَلِيٌّ.
وَقَالَ: لِأَنَّهُمْ لَا يُحَلِّلُونَ مَا تُحَلِّلُ النَّصَارَى وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا يُحَرِّمُونَ. وَهَذَا دَلِيلُ أَنَّهُ لَمْ يُلْحِقْهُمْ بِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَوَلَّوْهُمْ، وَلَا دَانُوا بِدِينِهِمْ، وَلَوْ تَعَلَّقُوا بِهِ لَوَافَقَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي حَالِهِمْ وَحُكْمِهِمْ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْأَدِلَّةِ.
[مَسْأَلَة الصَّيْدَ وَطَعَامَ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ الطَّيِّبَاتِ الَّتِي أَبَاحَهَا اللَّهُ]
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: قَوْله تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ} [المائدة: ٤]، إلَى قَوْلِهِ: {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: ٥] دَلِيلٌ قَاطِعٌ عَلَى أَنَّ الصَّيْدَ وَطَعَامَ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ الطَّيِّبَاتِ الَّتِي أَبَاحَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَهُوَ الْحَلَالُ الْمُطْلَقُ، وَإِنَّمَا كَرَّرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِيَرْفَعَ الشُّكُوكَ وَيُزِيلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute