وَالصَّحِيحُ عِنْدِي مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ إنْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يُبَلِّغُ اُكْتُفِيَ بِهِ، وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ، وَسَكَتَ الْخُلَفَاءُ عَنْ الْإِشَارَةِ بِالتَّبْلِيغِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْمَنْصِبِ مَنْ يَرُدُّ مَا يَسْمَعُ أَوْ يُمْضِيهِ مَعَ عِلْمِهِمْ بِعُمُومِ التَّبْلِيغِ فِيهِ، حَتَّى إنَّ عُمَرَ كَرِهَ كَثْرَةَ التَّبْلِيغِ، وَسَجَنَ مَنْ كَانَ يُكْثِرُ الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ وَقَدْ بَيَّنَّا تَحْقِيقَهُ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ.
وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي فَضِيلَةِ التَّبْلِيغِ أَنَّهُ قَالَ: «نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا فَأَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا». وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْآيَة الْمُوَفِّيَةُ ثَلَاثِينَ قَوْله تَعَالَى إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ]
ٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [البقرة: ١٦١].
فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ لِي كَثِيرٌ مِنْ أَشْيَاخِي: إنَّ الْكَافِرَ الْمُعَيَّنَ لَا يَجُوزُ لَعْنُهُ؛ لِأَنَّ عِنْدَ الْمُوَافَاةِ لَا تُعْلَمُ، وَقَدْ شَرَطَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ فِي إطْلَاقِ اللَّعْنَةِ الْمُوَافَاةَ عَلَى الْكُفْرِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَعْنُ أَقْوَامٍ بِأَعْيَانِهِمْ مِنْ الْكُفَّارِ.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلَانِ فَكَلَّمَاهُ بِشَيْءٍ فَأَغْضَبَاهُ فَلَعَنَهُمَا»؛ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِعِلْمِهِ بِمَآلِهِمَا.
وَالصَّحِيحُ عِنْدِي جَوَازُ لَعْنِهِ لِظَاهِرِ حَالِهِ، كَجَوَازِ قِتَالِهِ وَقَتْلِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute