[سُورَةُ الْمُزَّمِّلِ فِيهَا تِسْعِ آيَاتٍ] [الْآيَة الْأُولَى وَالثَّانِيَة وَالثَّالِثَة قَوْله تَعَالَى يَأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمْ اللَّيْلَ إلَّا قَلِيلًا]
الْآيَةُ الْأُولَى قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} [المزمل: ١] {قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا} [المزمل: ٢]
فِيهَا مَعَ الَّتِي تَلِيهَا سِتُّ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} [المزمل: ١] هُوَ الْمُلْتَفُّ، بِإِضَافَةِ الْفِعْلِ إلَى الْفَاعِلِ، وَكُلُّ شَيْءٍ لُفِّفَ فِي شَيْءٍ فَقَدْ زُمِّلَ بِهِ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلِفَافَةِ الرَّاوِيَةُ وَالْقِرْبَةِ زِمَالٌ.
وَفِي الْحَدِيثِ فِي قَتْلَى أُحُدٍ: «زَمِّلُوهُمْ بِثِيَابِهِمْ وَدِمَائِهِمْ» أَيْ لَفِّفُوهُمْ، يُقَالُ تَزَمَّلَ يَتَزَمَّلُ؛ فَإِذَا أُدْغِمَتْ التَّاءُ قُلْت: ازَّمَّلَ بِتَشْدِيدَيْنِ.
وَاخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِهِ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ، قِيلَ لَهُ: يَا مَنْ تَلَفَّفَ فِي ثِيَابِهِ أَوْ فِي قَطِيفَتِهِ قُمْ؛ قَالَهُ إبْرَاهِيمُ وَقَتَادَةُ. وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْمَجَازِ كَأَنَّهُ قِيلَ لَهُ: يَا مَنْ تَزَمَّلَ بِالنُّبُوَّةِ.
رَوَى عِكْرِمَةُ أَنَّهُ قَالَ: مَعْنَاهُ يَا مَنْ تَزَمَّلَ، أَيْ زَمَلْت هَذَا الْأَمْرَ فَقُمْ بِهِ.
[فَأَمَّا الْعُدُولُ عَنْ الْحَقِيقَةِ إلَى الْمَجَازِ فَلَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لَا سِيَّمَا وَفِيهِ خِلَافُ الظَّاهِرِ؛ وَإِذَا تَعَاضَدَتْ الْحَقِيقَةُ وَالظَّاهِرُ لَمْ يَجُزْ الْعُدُولُ عَنْهُ. وَأَمَّا قَوْلُ عِكْرِمَةَ: إنَّك زَمَلْت هَذَا الْأَمْرَ فَقُمْ بِهِ]؛ وَإِنَّمَا يَسُوغُ هَذَا التَّفْسِيرُ لَوْ كَانَتْ الْمِيمُ مَفْتُوحَةً مُشَدَّدَةً بِصِيغَةِ الْمَفْعُولِ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَأَمَّا وَهُوَ بِلَفْظِ الْفَاعِلِ فَهُوَ بَاطِلٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute