[مَسْأَلَة التَّرْغِيبِ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ:
قَالَ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ شُيُوخِ الزُّهْدِ: فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى التَّرْغِيبِ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ الَّذِي يُكْسِبُ الثَّنَاءَ الْحَسَنَ.
وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا مَاتَ الْمَرْءُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ، أَوْ عِلْمٌ عَلَّمَهُ، أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ». وَفِي رِوَايَةٍ: إنَّهُ كَذَلِكَ فِي الْغَرْسِ وَالزَّرْعِ، وَكَذَلِكَ فِيمَنْ مَاتَ مُرَابِطًا يُكْتَبُ لَهُ عَمَلُهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَالْخَمْسَةُ صَحِيحٌ أَثَرُهَا؛ وَمَسْأَلَةُ الرِّبَاطِ حَسَنٌ سَنَدُهَا.
[الْآيَةُ الثَّالِثَةُ قَوْله تَعَالَى إلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ]
ٍ} [الشعراء: ٨٩]
فِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ سَلِيمٌ مِنْ الشِّرْكِ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.
الثَّانِي: أَنَّهُ سَلِيمٌ مِنْ رَذَائِلِ الْأَخْلَاقِ.
فَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُ قَالَ: يَا بَنِيَّ؛ لَا تَكُونُوا لَعَّانِينَ، فَإِنَّ إبْرَاهِيمَ لَمْ يَلْعَنْ شَيْئًا قَطُّ. قَالَ اللَّهُ: {إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الصافات: ٨٤]
وَقَالَ قَوْمٌ: مَعْنَاهُ لَدِيغٌ، أَحْرَقَتْهُ الْمَخَاوِفُ، وَلَدَغَتْهُ الْخَشْيَةُ.
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا: إنَّ مَعْنَاهُ إلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ مِنْ الشِّرْكِ؛ فَأَمَّا الذُّنُوبُ فَلَا يَسْلَمُ أَحَدٌ مِنْهَا.
وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَكُونُ الْقَلْبُ سَلِيمًا إذَا كَانَ حَقُودًا حَسُودًا، مُعْجَبًا مُتَكَبِّرًا، وَقَدْ شَرَطَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ. وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ بِرَحْمَتِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute