للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَة الْمُخَاطَبَ بِالْأَمْرِ بِالْجَلْدِ]

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ:

لَا خِلَافَ أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِهَذَا الْأَمْرِ بِالْجَلْدِ الْإِمَامُ، وَمَنْ نَابَ عَنْهُ، وَزَادَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: السَّادَةُ فِي الْعَبِيدِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: فِي كُلِّ جَلْدٍ وَقَطْعٍ. وَقَالَ مَالِكٌ: فِي الْجَلْدِ خَاصَّةً دُونَ الْقَطْعِ، كَمَا وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ: «إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ».

وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.

[مَسْأَلَة صفة الضَّرْب لِلزُّنَاةِ]

الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: قَوْلُهُ: {وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النور: ٢]

اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِيهَا، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: {وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ} [النور: ٢] فَتُسْقِطُوا الْحَدَّ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: {وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ} [النور: ٢] فَتُخَفِّفُوا الْحَدَّ؛ وَهُوَ عِنْدِي مَحْمُولٌ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا؛ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَحْمِلَ أَحَدًا رَأْفَةٌ عَلَى زَانٍ بِأَنْ يُسْقِطَ الْحَدَّ أَوْ يُخَفِّفَهُ عَنْهُ.

وَصِفَةُ الضَّرْبِ أَنْ يَكُونَ سَوْطًا بَيْنَ السَّوْطَيْنِ، وَضَرْبًا بَيْنَ الضَّرْبَيْنِ، وَتَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْحُدُودُ كُلُّهَا.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا سَوَاءٌ بَيْنَ الْحُدُودِ، ضَرْبُ الزَّانِي أَشَدُّ مِنْ ضَرْبِ الْقَذْفِ، وَضَرْبُ الْقَذْفِ أَشَدُّ مِنْ ضَرْبِ الشُّرْبِ، وَكَأَنَّهُمْ نَظَرُوا صُورَةَ الذَّنْبِ، فَرَكَّبُوا عَلَيْهِ صِفَةَ الْعُقُوبَةِ، وَالشُّرْبُ أَخَفُّ مِنْ الْقَذْفِ، وَالْقَذْفُ أَخَفُّ مِنْ الزِّنَا؛ فَحَمَلُوهُ عَلَيْهِ وَقَرَنُوهُ بِهِ.

وَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ أَصَابَ حَدًّا، وَأُتِيَ بِسَوْطٍ شَدِيدٍ، فَقَالَ: دُونَ هَذَا. وَأُتِيَ بِسَوْطٍ دُونَهُ، فَقَالَ: فَوْقَ هَذَا».

<<  <  ج: ص:  >  >>