للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْنَا: أُقِيمَ مَقَامَ الشَّهَادَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَخْلُصُ بِهِ الزَّوْجُ مِنْ الْحَدِّ.

[مَسْأَلَة الْبُدَاءَةُ فِي اللِّعَانِ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: الْبُدَاءَةُ فِي اللِّعَانِ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ:

وَهُوَ الزَّوْجُ، وَلَوْ بَدَأَ بِالْمَرْأَةِ قَبْلَهُ لَمْ يُجْزِهِ، لِأَنَّهُ عَكَسَ مَا رَتَّبَهُ اللَّهُ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُجْزِيهِ، وَهَذَا بَاطِلٌ، لِأَنَّهُ خِلَافُ الْقُرْآنِ، وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ يَرُدُّهُ إلَيْهِ، وَلَا مَعْنًى يَقْوَى بِهِ؛ بَلْ الْمَعْنَى لَنَا، لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا بَدَأَتْ بِالْيَمِينِ فَتَنْفِي مَا لَمْ يَثْبُتْ، وَهَذَا لَا وَجْهَ لَهُ.

[مَسْأَلَة إذَا صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ فِي قَذْفِهِ وَهُنَاكَ وَلَدٌ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ:

إذَا صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ فِي قَذْفِهِ، وَهُنَاكَ وَلَدٌ لَمْ يُلَاعِنْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، لِأَنَّهُ لَا لِعَانَ عِنْدَهُ عَلَى نَفْيِ الْوَلَدِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ.

[مَسْأَلَة إذَا قَذَفَهَا بِرَجُلٍ سَمَّاهُ]

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ:

إذَا قَذَفَهَا بِرَجُلٍ سَمَّاهُ كَشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ أَسْقَطَ اللِّعَانُ عَنْهُ حَدَّ الْقَذْفِ لِزَوْجَتِهِ وَحُدَّ لِشَرِيكٍ؛ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يُحَدُّ لَهُ إذَا لَاعَنَ زَوْجَتَهُ.

وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ لَنَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ وَضَعَ الْحَدَّ فِي قَذْفِ الْأَجْنَبِيِّ وَالزَّوْجَةِ مُطْلَقَيْنِ، ثُمَّ خَصَّ الزَّوْجَةَ بِالْخَلَاصِ بِاللِّعَانِ، وَبَقِيَ الْأَجْنَبِيُّ عَلَى مُطْلَقِ الْآيَةِ.

وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَحُدَّ هِلَالًا لِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ.

قُلْنَا: لِأَنَّهُ لَمْ يَطْلُبْهُ، وَحَدُّ الْقَذْفِ لَا يُقِيمُهُ الْإِمَامُ إلَّا بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ إجْمَاعًا.

وَمِنْ الْعَجَبِ أَنْ قَالَتْ أَحْبَارُ الشَّافِعِيَّةِ: إنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الزَّانِي بِزَوْجِهِ لِيَعُرَّهُ كَمَا عَرَّهُ، وَأَيُّ مَعَرَّةٍ فِيهِ، وَخَبَرُهُ عَنْهُ لَا يُقْبَلُ، وَحُكْمُهُ فِيهِ لَا يَنْفُذُ، إنَّمَا الْمَعَرَّةُ كُلُّهَا بِالزَّوْجِ؛ فَلَا وَجْهَ لِذِكْرِهِ، فَإِنَّ قَذْفَهُ تَعَلَّقَ بِهِ حُكْمُهُ لِعُمُومِ الْقُرْآنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>