[مَسْأَلَة الْحِرَابَةَ يُقْتَلُ فِيهَا مَنْ قَتَلَ]
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: لَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْحِرَابَةَ يُقْتَلُ فِيهَا مَنْ قَتَلَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَقْتُولُ مُكَافِئًا لِلْقَاتِلِ. وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ: مِنْهُمَا أَنَّهُ تُعْتَبَرُ الْمُكَافَأَةُ فِي الدِّمَاءِ لِأَنَّهُ قَتْلٌ، فَاعْتُبِرَتْ فِيهِ الْمُكَافَأَةُ كَالْقِصَاصِ. وَهَذَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ هَاهُنَا لَيْسَ عَلَى مُجَرَّدِ الْقَتْلِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى الْفَسَادِ الْعَامِّ، مِنْ التَّخْوِيفِ وَسَلْبِ الْمَالِ، فَإِنْ انْضَافَتْ إلَيْهِ إرَاقَةُ الدَّمِ فَحُشَ، وَلِأَجْلِ هَذَا لَا يُرَاعَى مَالُ مُسْلِمٍ مِنْ كَافِرٍ.
[مَسْأَلَة خَرَجَ الْمُحَارِبُونَ فَاقْتَتَلُوا مَعَ الْقَافِلَةِ فَقَتَلَ بَعْضُ الْمُحَارِبِينَ وَلَمْ يَقْتُلْ بَعْضٌ]
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: إذَا خَرَجَ الْمُحَارِبُونَ فَاقْتَتَلُوا مَعَ الْقَافِلَةِ فَقَتَلَ بَعْضُ الْمُحَارِبِينَ، وَلَمْ يَقْتُلْ بَعْضٌ، قُتِلَ الْجَمِيعُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يُقْتَلُ إلَّا مَنْ قَتَلَ. وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى تَخْيِيرِ الْإِمَامِ وَتَفْصِيلِ الْأَحْكَامِ؛ وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَيُعَضِّدُ هَذَا أَنَّ مَنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ شُرَكَاءُ فِي الْغَنِيمَةِ، وَإِنْ لَمْ يَقْتُلُ جَمِيعُهُمْ. وَقَدْ اتَّفَقَ مَعَنَا عَلَى قَتْلِ الرِّدْءِ وَهُوَ الطَّالِعُ، فَالْمُحَارِبُ أَوْلَى.
[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى إلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} [المائدة: ٣٤] فِيهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلُ: إلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ.
الثَّانِي: إلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَقَدْ حَارَبُوا بِأَرْضِ الشِّرْكِ.
الثَّالِثُ: إلَّا الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ.
الرَّابِعُ: إلَّا الَّذِينَ تَابُوا فِي حُقُوقِ اللَّهِ؛ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ؛ إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ: وَفِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ بِيَدِهِ مَالٌ يُعْرَفُ، أَوْ يَقُومَ وَلِيٌّ يَطْلُبُ دَمَهُ فَلَهُ أَخْذُهُ وَالْقِصَاصُ مِنْهُ.
الْخَامِسُ: قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: لَا يُطْلَبُ بِشَيْءٍ لَا مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ وَلَا مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute