فِيهِ كُلَّ طَرِيقٍ، وَمَلْكنَا عَلَيْهِمْ بِثَبْتِ الْأَدِلَّةِ كُلَّ ثَنِيَّةٍ لِلنَّظَرِ. فَلَمْ يَجِدُوا لِلسُّلُوكِ إلَى مَرَامِهِمْ مِنْ أَنَّهُ طَاهِرٌ سَبِيلًا، وَأَقْرَبُهُ أَنَّهُ يَخْرُجُ عَلَى ثَقْبِ الْبَوْلِ عِنْدَ طَرَفِ الْكَمَرَةِ فَيَتَنَجَّسُ بِمُرُورِهِ عَلَى مَحَلٍّ نَجِسٍ.
[الْآيَةُ الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ]
ُ} [الطارق: ٩]: فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى قَوْلُهُ: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطارق: ٩] يَعْنِي تُخْتَبَرُ الضَّمَائِرُ، وَتَكْشِفُ مَا كَانَ فِيهَا. وَالسَّرَائِرُ تَخْتَلِفُ بِحَسْبِ اخْتِلَافِ أَحْوَالِ التَّكْلِيفِ وَالْأَفْعَالِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ أَمَّا السَّرَائِرُ فَقَالَ مَالِكٌ فِي رِوَايَةِ أَشْهَبَ عَنْهُ وَسَأَلَهُ عَنْ قَوْله تَعَالَى: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطارق: ٩] أَبَلَغَك أَنَّ الْوُضُوءَ مِنْ السَّرَائِرِ؟ قَالَ: قَدْ بَلَغَنِي ذَلِكَ فِيمَا يَقُولُ النَّاسُ، فَأَمَّا حَدِيثٌ أَخَذْته فَلَا. وَالصَّلَاةُ مِنْ السَّرَائِرِ، وَالصِّيَامُ مِنْ السَّرَائِرِ، إنْ شَاءَ قَالَ: صَلَّيْت وَلَمْ يُصَلِّ. وَمِنْ السَّرَائِرِ مَا فِي الْقُلُوبِ يَجْزِي اللَّهُ بِهِ الْعِبَادَ.
قَالَ الْقَاضِي: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ إلَّا الْأَمَانَةَ، وَالْوُضُوءُ مِنْ الْأَمَانَةِ، وَالصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ مِنْ الْأَمَانَةِ، الْوَدِيعَةُ مِنْ الْأَمَانَةِ، وَأَشَدُّ ذَلِكَ الْوَدِيعَةُ، تُمَثَّلُ لَهُ عَلَى هَيْئَتِهَا يَوْمَ أَخَذَهَا، فَيُرْمَى بِهَا فِي قَعْرِ جَهَنَّمَ، فَيُقَالُ لَهُ: أَخْرِجْهَا فَيَتْبَعُهَا فَيَجْعَلُهَا فِي عُنُقِهِ، فَإِذَا رَجَا أَنْ يَخْرُجَ بِهَا زَلَّتْ مِنْهُ وَهُوَ يَتْبَعُهَا، فَهُوَ كَذَلِكَ دَهْرَ الدَّاهِرِينَ.
وَقَالَ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ. مِنْ الْأَمَانَةِ أَنْ ائْتُمِنَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى فَرْجِهَا. قَالَ أَشْهَبُ: قَالَ لِي سُفْيَانُ: فِي الْحَيْضَةِ وَالْحَمْلِ إذَا قَالَتْ: لَمْ أَحِضْ، وَأَنَا حَامِلٌ، صَدَقَتْ مَا لَمْ تَأْتِ بِمَا يُعْرَفُ فِيهِ أَنَّهَا كَاذِبَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ: «غُسْلُ الْجَنَابَةِ مِنْ الْأَمَانَةِ».
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ قَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ كُلُّ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute