للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَلُوا أَذِنَ اللَّهُ لَهُ فِي الْقِتَالِ عِنْدَ اسْتِقْرَارِهِ بِالْمَدِينَةِ، فَأَخْرَجَ الْبُعُوثَ، ثُمَّ خَرَجَ بِنَفْسِهِ، حَتَّى أَظْهَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ بَدْرٍ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: ٣٩]. .

[الْآيَة الثَّالِثَةُ عَشْرَة قَوْله تَعَالَى الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ]

ٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: ٤٠].

فِيهَا مَسْأَلَتَانِ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ عُلَمَاؤُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ بَيْعَةِ الْعَقَبَةِ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي الْحَرْبِ، وَلَمْ تَحِلَّ لَهُ الدِّمَاءُ»، إنَّمَا يُؤْمَرُ بِالدُّعَاءِ إلَى اللَّهِ، وَالصَّبْرِ عَلَى الْأَذَى، وَالصَّفْحِ عَنْ الْجَاهِلِ [مُدَّةَ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ، لِإِقَامَةِ حُجَّةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ، وَوَفَاءً بِوَعْدِهِ الَّذِي امْتَنَّ بِهِ بِفَضْلِهِ فِي قَوْلِهِ: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا} [الإسراء: ١٥] فَاسْتَمَرَّ الطُّغْيَانُ وَمَا اسْتَدَلُّوا بِوَاضِحِ الْبُرْهَانِ].

وَكَانَتْ قُرَيْشٌ قَدْ اضْطَهَدَتْ مَنْ اتَّبَعَهُ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ حَتَّى فَتَنُوهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَنَفَوْهُمْ عَنْ بِلَادِهِمْ، فَهُمْ بَيْنَ مَفْتُونٍ فِي دِينِهِ، وَمُعَذِّبٍ، وَبَيْنَ هَارِبٍ فِي الْبِلَادِ مُغَرَّبٍ، فَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّ إلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَرَجَ إلَى الْمَدِينَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ صَبَرَ عَلَى الْأَذَى، فَلَمَّا عَتَتْ قُرَيْشٌ عَلَى اللَّهِ، وَرَدُّوا أَمْرَهُ وَكَرَامَتَهُ، وَكَذَّبُوا نَبِيَّهُ، وَعَذَّبُوا مَنْ آمَنَ بِهِ وَعَبَدَهُ وَوَحَّدَهُ، وَصَدَّقَ نَبِيَّهُ، وَاعْتَصَمَ بِدِينِهِ، أَذِنَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ فِي الْقِتَالِ وَالِامْتِنَاعِ وَالِانْتِصَارِ مِمَّنْ ظَلَمَهُمْ وَبَغَى عَلَيْهِمْ؛ فَكَانَتْ أَوَّلُ آيَةٍ أُنْزِلَتْ فِي إذْنِهِ لَهُ بِالْحَرْبِ وَإِحْلَالِهِ لَهُ الدِّمَاءَ: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} [الحج: ٣٩] إلَى قَوْلِهِ: (" الْأُمُورِ ").

<<  <  ج: ص:  >  >>