للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيّ: لَا يَأْخُذُ الزَّوْجُ مِنْ الْمُخْتَلِعَةِ شَيْئًا لِقَوْلِهِ: {فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: ٢٠] إلَى قَوْلِهِ: {مِيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء: ٢١]. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: رَخَّصَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩]، فَنَسَخَ ذَلِكَ. قَالَ الطَّبَرِيُّ: بَلْ هِيَ مُحْكَمَةٌ. وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ بَكْرٍ إنْ أَرَادَتْ هِيَ الْعَطَاءَ، فَقَدْ «جَوَّزَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِثَابِتٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ زَوْجَتِهِ مَا سَاقَ إلَيْهَا وَصَدَّقَ» إنَّمَا يَكُونُ النَّسْخُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْجَمْعِ وَالْجَمْعُ مُمْكِنٌ، وَبِهِ يَتِمُّ الْبَيَانُ، وَتَسْتَمِرُّ فِي سُبُلِهَا الْأَحْكَامُ.

[الْآيَة السَّابِعَة عَشْرَة قَوْله تَعَالَى وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ]

ِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلا} [النساء: ٢٢]

فِيهَا تِسْعُ مَسَائِلَ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَدْ بَيَّنَّا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَنَّ النِّكَاحَ أَصْلُهُ الضَّمُّ وَالْجَمْعُ، فَتَجْتَمِعُ الْأَقْوَالُ فِي الِانْعِقَادِ وَالرَّبْطِ كَمَا تَجْتَمِعُ الْأَفْعَالُ فِي الِاتِّصَالِ وَالضَّمِّ، لَكِنَّ الْعَرَبَ عَلَى عَادَتِهَا خَصَّصَتْ اسْمَ النِّكَاحِ بِبَعْضِ أَحْوَالِ الْجَمْعِ وَبَعْضِ مَحَالِّهِ، وَمَا تَعَلَّقَ بِالنِّسَاءِ، وَاقْتَضَى تَعَاطِيَ اللَّذَّةِ فِيهَا، وَاسْتِيفَاءَ الْوَطَرِ مِنْهَا، وَعَلَى ذَلِكَ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ جَاءَتْ الْآثَارُ وَالْآيَاتُ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْله تَعَالَى: {مَا نَكَحَ} [النساء: ٢٢] اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي كَلِمَةِ " مَا " هَلْ يُخْبَرُ بِهَا عَمَّا يَعْقِلُ أَمْ لَا؟ وَقَدْ بَيَّنَّا فِي رِسَالَةِ مُلْجِئَةِ الْمُتَفَقِّهِينَ أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَعْمَلٌ فِي اللُّغَةِ شَائِعٌ فِيهَا، وَفِي الشَّرِيعَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>