للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى: {عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ} [الممتحنة: ١]: قَدْ بَيَّنَّا الْعَدَاوَةَ وَالْوِلَايَةَ وَأَنَّ مَآلَهُمَا إلَى الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ فِي الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ فِي كِتَابِ الْأَمَدِ الْأَقْصَى.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ قَوْله تَعَالَى: {تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} [الممتحنة: ١] يَعْنِي فِي الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ قَلْبَ حَاطِبٍ كَانَ سَلِيمًا بِالتَّوْحِيدِ، بِدَلِيلِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُمْ: أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ صَدَقَ».

وَهَذَا نَصٌّ فِي سَلَامَةِ فُؤَادِهِ وَخُلُوصِ اعْتِقَادِهِ.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ مَنْ كَثُرَ تَطَلُّعُهُ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ، وَيُنَبِّهُ عَلَيْهِمْ، وَيُعَرِّفُ عَدُوَّهُمْ بِأَخْبَارِهِمْ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ كَافِرًا إذَا كَانَ فِعْلُهُ لِغَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ، وَاعْتِقَادُهُ عَلَى ذَلِكَ سَلِيمٌ، كَمَا فَعَلَ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ حِينَ قَصَدَ بِذَلِكَ اتِّخَاذَ الْيَدِ وَلَمْ يَنْوِ الرِّدَّةَ عَنْ الدِّينِ.

[مَسْأَلَة مِنْ كثر تَطْلُعهُ عَلَى عورات الْمُسْلِمِينَ]

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ إذَا قُلْنَا: إنَّهُ لَا يَكُونُ بِهِ كَافِرًا [فَاخْتَلَفَ النَّاسُ] فَهَلْ يُقْتَلُ بِهِ حَدًّا أَمْ لَا؟ فَقَالَ مَالِكٌ، وَابْنُ الْقَاسِمِ، وَأَشْهَبُ: يَجْتَهِدُ فِيهِ الْإِمَامُ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إذَا كَانَتْ تِلْكَ عَادَتَهُ قُتِلَ لِأَنَّهُ جَاسُوسٌ. وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: يُقْتَلُ الْجَاسُوسُ، وَهُوَ صَحِيحٌ لِإِضْرَارِهِ بِالْمُسْلِمِينَ وَسَعْيِهِ بِالْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ.

فَإِنْ قِيلَ وَهِيَ: الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ هَلْ يُقْتَلُ كَمَا قَالَ عُمَرُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ؛ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يُمْنَعَ مِنْهُ وَحْدَهُ، وَيَبْقَى قَتْلُ غَيْرِهِ حُكْمًا شَرْعِيًّا، فَهَمَّ عُمَرُ بِهِ بِعِلْمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَرُدَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إلَّا بِالْعِلَّةِ الَّتِي خَصَّصَهَا بِحَاطِبٍ.

قُلْنَا: إنَّمَا قَالَ عُمَرُ: إنَّهُ يُقْتَلُ لِعِلَّةِ أَنَّهُ مُنَافِقٌ، فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَيْسَ بِمُنَافِقٍ فَإِنَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>