للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَا قَدْ شَرَحْنَاهُ فِي سُورَةِ الْكَهْفِ بِأَنْ يَقُولَ: {مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ} [الكهف: ٣٩]. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَة سَلَامَ الْوَاحِدِ عَلَى الْجَمَاعَةِ]

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ:

قَدْ بَيَّنَّا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ كَيْفِيَّةَ السَّلَامِ الَّذِي شَرَعَ اللَّهُ لِعِبَادِهِ، وَأَوْضَحْنَا مَجْرَاهُ، وَمِمَّا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ أَنَّ سَلَامَ الْوَاحِدِ عَلَى الْجَمَاعَةِ يَكْفِي فِي الِابْتِدَاءِ وَالرَّدِّ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: كَانَ النِّسَاءُ يُسَلِّمْنَ عَلَى الرِّجَالِ، وَلَا يُسَلِّمُ الرِّجَالُ عَلَى النِّسَاءِ. وَهَذَا صَحِيحٌ فَإِنَّهَا خُلْطَةٌ وَتَعَرُّضٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ امْرَأَةً مُتَجَالَّةً؛ إذْ الْخُلْطَةُ لَا تَكُونُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ؛ وَهَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَالْمُنْتَهَى.

[الْآيَة الثَّامِنَة وَالْعُشْرُونَ قَوْله تَعَالَى إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ]

ِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: ٦٢].

فِيهَا مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ: وَالْمُرَادُ بِمَا فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْأَمْرَ الْجَامِعَ الْجُمُعَةُ، وَالْعِيدَانِ، وَالِاسْتِسْقَاءُ، وَكُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ فِيهِ الْخُلْطَةُ؛ قَالَهُ يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ.

الثَّانِي: أَنَّهُ كُلُّ طَاعَةٍ لِلَّهِ؛ قَالَهُ مُجَاهِدٌ.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ الْجِهَادُ؛ قَالَهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ.

وَقَدْ رَوَى أَشْهَبُ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْر، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ إنَّمَا كَانَتْ فِي حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَكَذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ. وَاَلَّذِي بَيَّنَ ذَلِكَ أَمْرَانِ صَحِيحَانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>