الِاعْتِرَاضَاتِ [وَلَكِنَّ الْخَوَاطِرَ الْفَاسِدَةَ هِيَ الَّتِي تُوجِبُ الِاعْتِرَاضَاتِ]، وَيَخْرُجَ إلَى تَطْوِيلِ الْقَوْلِ.
وَلَقَدْ سُئِلْت عَنْ النَّصْرَانِيِّ يَفْتِلُ عُنُقَ الدَّجَاجَةِ ثُمَّ يَطْبُخُهَا: هَلْ يُؤْكَلُ مَعَهُ أَوْ تُؤْخَذُ طَعَامًا مِنْهُ؟ وَهِيَ: الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: فَقُلْت: تُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهَا طَعَامُهُ وَطَعَامُ أَحْبَارِهِ وَرُهْبَانِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ ذَكَاةً عِنْدَنَا، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ طَعَامَهُمْ مُطْلَقًا، وَكُلُّ مَا يَرَوْنَ فِي دِينِهِمْ فَإِنَّهُ حَلَالٌ لَنَا فِي دِينِنَا، إلَّا مَا كَذَّبَهُمْ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِيهِ.
وَلَقَدْ قَالَ عُلَمَاؤُنَا: إنَّهُمْ يُعْطُونَنَا أَوْلَادَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ مِلْكًا فِي الصُّلْحِ فَيَحِلُّ لَنَا وَطْؤُهُنَّ، فَكَيْفَ لَا تَحِلُّ ذَبَائِحُهُمْ وَالْأَكْلُ دُونَ الْوَطْءِ فِي الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ.
[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ]
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: قَوْله تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ} [المائدة: ٥] قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ، وَبَيَّنَّا اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ وَاحْتِمَالَ اللَّفْظِ لَأَنْ يَكُونَ الْمُحْصَنَاتُ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ الْحَرَائِرِ وَالْعَفَائِفِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ فِي ذَلِكَ رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ فِي قَصَصٍ مُخْتَلِفَةٍ؛ مِنْهَا أَنَّ امْرَأَةً مِنْ هَمْدَانَ يُقَالُ لَهَا نُبَيْشَةُ بَغَتْ، فَأَرَادَتْ أَنْ تَذْبَحَ نَفْسَهَا فَأَدْرَكُوهَا فَقَدُّوهَا، فَذَكَرُوهُ أَيْضًا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ: " انْكِحُوهَا نِكَاحَ الْحُرَّةِ الْعَفِيفَةِ الْمُسْلِمَةِ ". وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: " إحْصَانُهَا أَنْ تَغْتَسِلَ مِنْ الْجَنَابَةِ وَتُحْصِنَ فَرْجَهَا مِنْ الزِّنَا ".
وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ هَذِهِ النَّازِلَةِ فَقَالَ: مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَحِلُّ لَنَا، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَحِلُّ لَنَا، ثُمَّ تَلَا: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ} [التوبة: ٢٩] إلَى قَوْلِهِ: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ} [التوبة: ٢٩]. قَالَ: فَمَنْ أَعْطَى الْجِزْيَةَ حَلَّ لَنَا نِسَاؤُهُمْ، وَمَنْ لَمْ يُعْطِ لَمْ يَحِلَّ لَنَا نِسَاؤُهُ. وَمِنْ هَاهُنَا يَخْرُجُ أَنَّ نِكَاحَ إمَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُنَّ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِنَّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute