للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْآيَةُ الثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنْ النَّعِيمِ]

ِ} [التكاثر: ٨].

فِيهَا مَسْأَلَتَانِ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ فِي النَّعِيمِ أَقْوَالًا كَثِيرَةً، لُبَابُهَا خَمْسَةٌ: الْأُولَى: الْأَمْنُ وَالصِّحَّةُ.

الثَّانِي: السَّلَامَةُ.

الثَّالِثُ: لَذَّةُ الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ؛ قَالَهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ.

الرَّابِعُ: الْغَدَاءُ وَالْعَشَاءُ؛ قَالَهُ الْحَسَنُ.

الْخَامِسُ: شِبَعُ الْبَطْنِ، وَشُرْبُ الْمَاءِ الْبَارِدِ.

[مَسْأَلَة تَحْقِيقُ مَعْنَى النَّعِيمِ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ تَحْقِيقُ النَّعِيمِ مِنْ النِّعَمِ، وَبِنَاءُ (نَ عَ مَ) لِلْمُوَافَقَةِ، وَأَعْظَمُهَا مُوَافَقَةً

مَا قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي رِوَايَةِ كَادِحِ بْنِ رَحْمَةَ أَنَّهُ صِحَّةُ الْبَدَن وَطِيبُ النَّفْسِ، وَقَدْ أَخَذَهُ الشَّاعِرُ، فَقَالَ:

إذَا الْقُوتُ يَأْتِي لَك وَالصِّحَّةُ وَالْأَمْنُ ... وَأَصْبَحْت أَخَا حُزْنٍ فَلَا فَارَقَك الْحُزْنُ

وَقَدْ كَانَ هَذَا يَتَأَتَّى قَبْلَ الْيَوْمِ، فَأَمَّا فِي هَذَا الزَّمَانِ فَإِنَّهُ عَسِيرُ التَّكْوِينِ، وَقَلِيلُ الْوُجُودِ.

وَيَرَى [كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ] أَنَّ مَالِكًا أَخَذَهُ مِنْ حِكَمِ لُقْمَانَ؛ فَفِيهَا أَنَّ لُقْمَانَ الْحَكِيمَ قَالَ لِابْنِهِ: لَيْسَ غِنًى كَصِحَّةٍ، وَلَا نَعِيمٌ كَطِيبِ نَفْسٍ.

وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ، عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: ٨] قَالَ الزُّبَيْرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَنْ أَيِّ نَعِيمٍ نُسْأَلُ، وَإِنَّمَا هُمَا الْأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ؟ قَالَ: أَمَا إنَّهُ سَيَكُونُ».

وَفِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>