الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ رُوِيَ فِيهَا قَوْلٌ رَابِعٌ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ مَحْمُودَ بْنَ غَيْلَانَ حَدَّثَهُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ عَنْ يُوسُفَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: «قَامَ رَجُلٌ إلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ بَعْدَمَا بَايَعَ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: سَوَّدْت وُجُوهَ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ يَا مُسَوِّدَ وُجُوهِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: لَا تُؤَنِّبْنِي رَحِمَك اللَّهُ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُرِيَ بَنِي أُمَيَّةَ عَلَى مِنْبَرِهِ، فَسَاءَهُ ذَلِكَ، فَنَزَلَتْ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: ١] يَعْنِي نَهْرًا فِي الْجَنَّةِ، وَنَزَلَتْ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: ١] {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} [القدر: ٢] {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: ٣] يَمْلِكُهَا بَنُو أُمَيَّةَ يَا مُحَمَّدُ، قَالَ الْقَاسِمُ: فَعَدَدْنَاهَا فَإِذَا هِيَ أَلْفٌ لَا تَزِيدُ يَوْمًا وَلَا تَنْقُصُ يَوْمًا».
[مَسْأَلَة قَوْله تَعَالَى لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ قَوْله تَعَالَى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: ٣] لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي قَوْلِ الْمُفَسِّرِينَ؛ لِأَنَّهَا [لَا يَصِحُّ أَنْ] تَكُونَ خَيْرًا مِنْ نَفْسِهَا، وَتَرَكَّبَ عَلَى هَذَا قَوْلُ النُّحَاةِ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ: زَيْدٌ أَفْضَلُ إخْوَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْإِخْوَةِ، يُرِيدُونَ وَلَا [يَجُوزُ أَنْ] يَكُونَ الشَّيْءُ أَفْضَلَ مِنْ نَفْسِهِ. وَهَذَا تَدْقِيقٌ لَا يَئُولُ إلَى تَحْقِيقٍ.
أَمَّا لَيْلَةُ الْقَدْرِ فَإِنَّهَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، فَيَكُونُ الْعَمَلُ فِيهَا خَيْرًا مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ هِيَ مِنْ جُمْلَتِهَا، فَإِذَا عَمَّرَ الرَّجُلُ بَعْدَ الْبُلُوغِ عَامًا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ أَلْفَ شَهْرٍ
فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، وَلَا يَكْتُبُ لَهُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، وَأَلْفَ شَهْرٍ زَائِدًا عَلَيْهَا، وَرُكِّبَ عَلَى هَذَا بَقِيَّةُ الْأَعْوَامِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: زَيْدٌ أَفْضَلُ إخْوَتِهِ فَهَذَا تَجَوُّزٌ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ قَدْ سَحَبَتْ عَلَى هَذَا الْغَرَضِ ذَيْلَ الْغَلَطِ، وَأَجْرَتْهُ عَلَى مَسَاقِ الْجَوَازِ فِي النُّطْقِ، فَإِنَّهَا تَقُولُ الِاثْنَانِ نِصْفُ الْأَرْبَعَةِ؛ تَتَجَوَّزُ بِذَلِكَ، لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ مِنْ الْأَرْبَعَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute