[مَسْأَلَة الْمَمْسُوخِ هَلْ يَنْسِلُ أَمْ لَا]
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ:
قَالَ عُلَمَاؤُنَا: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْمَمْسُوخِ؛ هَلْ يَنْسِلُ أَمْ لَا؟ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنَّ الْمَمْسُوخَ لَا يَنْسِلُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَنْسِلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي.
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا: حَدِيثُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّحِيحِ حِينَ «سُئِلَ عَنْ الضَّبِّ، فَقَالَ إنَّ أُمَّةً مُسِخَتْ، فَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ الضَّبُّ مِنْهَا».
وَثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ الْفَأْرَ مُسِخَ، أَلَا تَرَاهُ إذَا وُضِعَ لَهُ أَلْبَانُ الْإِبِلِ لَمْ يَشْرَبْهَا».
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْت فِي الْجَاهِلِيَّةِ قِرَدَةً قَدْ رَجَمُوا قِرَدَةً. وَنَصُّ الْحَدِيثِ: قَدْ رَأَيْت فِي الْجَاهِلِيَّةِ قِرَدَةً قَدْ اجْتَمَعَ عَلَيْهَا قِرَدَةٌ قَدْ زَنَتْ فَرَجَمُوهَا، فَرَجَمْتهَا مَعَهُمْ. ثَبَتَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْبُخَارِيِّ، وَسَقَطَ فِي بَعْضِهَا. وَثَبَتَ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ: قَدْ زَنَتْ. وَسَقَطَ هَذَا اللَّفْظُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ.
فَإِنْ قِيلَ: وَكَأَنَّ الْبَهَائِمَ بَقِيَتْ فِيهِمْ مَعَارِفُ الشَّرَائِعِ حَتَّى وَرِثُوهَا خَلَفًا عَنْ سَلَفٍ إلَى زَمَانِ عُمَرَ.
وَقُلْنَا: نَعَمْ، كَذَلِكَ كَانَ؛ لِأَنَّ الْيَهُودَ غَيَّرُوا الرَّجْمَ، فَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُقِيمَهُ فِي مُسُوخِهِمْ، حَتَّى يَكُونَ إبْلَاغًا فِي الْحُجَّةِ عَلَى مَا أَنْكَرُوهُ مِنْ ذَلِكَ، وَغَيَّرُوهُ، حَتَّى تَشْهَدَ عَلَيْهِمْ كُتُبُهُمْ وَأَحْبَارُهُمْ وَمُسُوخُهُمْ، حَتَّى يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ، وَيُحْصِي مَا يُبَدِّلُونَ وَمَا يُغَيِّرُونَ، وَيُقِيمَ عَلَيْهِمْ الْحُجَّةَ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ، وَيَنْصُرَ نَبِيَّهُ وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute