فِيهَا مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ الْبُكْرَةُ وَقْتٌ مِنْ أَوْقَاتِ النَّهَارِ، وَهُوَ أَوَّلُهُ، وَمِنْهُ بَاكُورَةُ الْفَاكِهَةِ.
وَالْأَصِيلُ: هُوَ الْعَشِيُّ. وَهَذِهِ الْإِشَارَةُ إلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَصَلَاةِ الْعَصْرِ؛ وَقَدْ قَدَّمْنَا مَعْنَى ذَلِكَ، وَأَنَّهُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ»، وَمَعْنَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ الْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، فَإِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَلَّا تُغْلَبُوا عَنْ صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا وَقَرَأَ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه: ١٣٠]».
وَقَدْ قَسَّمَ أَرْبَابُ اللُّغَةِ سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَسَاعَاتِ النَّهَارِ عَلَى تَفَاصِيلَ وَأَسْمَاءٍ عُرْفِيَّةٍ فِي اللُّغَةِ، وَمُؤَلِّفُوهَا مُخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ؛ لَكِنَّ الْغُدُوَّ وَالْعَشِيَّ وَالظَّهِيرَةَ مِنْ أُمَّهَاتِ ذَلِكَ الَّذِي لَا كَلَامَ فِيهِ. وَالضُّحَى يَلْحَقُ بِهِ وَالْإِشْرَاقُ مِثْلُهُ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّ مَعْنَاهُ وَكَبِّرْ، فَكَانَ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا بَعْدَ الصُّبْحِ وَثَلَاثًا بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَلَا يَصِحُّ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْآيَة السَّادِسَة قَوْله تَعَالَى وَمِنْ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا]
} [الإنسان: ٢٦] هَذِهِ الْآيَةُ مُحْتَمِلَةٌ لِلْفَرْضِ؛ وَهُوَ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ، فَإِنَّهُمَا وَقْتَانِ مِنْ أَوْقَاتِ الْمُصَلَّى، وَصَلَاتُهُمَا مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ. وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {وَسَبِّحْهُ لَيْلا طَوِيلا} [الإنسان: ٢٦] فَإِنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ، وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا خِطَابًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحْدَهُ، فَيَبْقَى الْأَمْرُ بِهِ عَلَيْهِ مُفْرَدًا، وَالْوُجُوبُ يَلْزَمُ لَهُ خَاصَّةً. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خِطَابًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُرَادُ بِهِ الْجَمِيعُ، ثُمَّ نُسِخَ عَنَّا، وَبَقِيَ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ؛ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ؛ وَهُوَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: ٧٩] كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute