الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ:
فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَالِكًا كَانَ يَذْكُرُ مِنْ أَخْبَارِ الإسرائليات مَا وَافَقَ الْقُرْآنَ، أَوْ وَافَقَ السُّنَّةَ أَوْ الْحِكْمَةَ، أَوْ قَامَتْ بِهِ الْمَصْلَحَةُ الَّتِي لَمْ تَخْتَلِفْ فِيهَا الشَّرَائِعُ؛ وَعَلَى هَذِهِ النُّكْتَةِ عَوَّلَ فِي جَامِعِ الْمُوَطَّأِ.
[الْآيَةُ الثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ]
َ} [الشعراء: ٨٤].
فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ} [الشعراء: ٨٤]: قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يُحِبَّ الرَّجُلُ أَنْ يُثْنَى عَلَيْهِ صَالِحًا؛ وَيُرَى فِي عَمَلِ الصَّالِحِينَ، إذَا قَصَدَ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ وَهُوَ الثَّنَاءُ الصَّالِحُ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ: {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي} [طه: ٣٩]. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ} [الشعراء: ٨٤] يَعْنِي أَنْ يَجْعَلَ مِنْ وَلَدِهِ مَنْ يَقُومُ بِالْحَقِّ مِنْ بَعْدِهِ إلَى يَوْمِ الدِّينِ؛ فَقُبِلَتْ الدَّعْوَةُ وَلَمْ تَزَلْ النُّبُوَّةُ فِيهِمْ إلَى مُحَمَّدٍ، ثُمَّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَقِيلَ: إنَّ الْمَطْلُوبَ اتِّفَاقُ الْمِلَلِ كُلِّهَا عَلَيْهِ [إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ]، فَلَا أُمَّةٌ إلَّا تَقُولُ بِهِ وَتُعَظِّمُهُ، وَتَدَّعِيهِ، إلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ قَطَعَ وِلَايَةَ الْأُمَمِ كُلِّهَا إلَّا وِلَايَتَنَا، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: ٦٨]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute