[مَسْأَلَة الصَّدَاقَ إذَا لَمْ يُسَمَّ فِي الْعَقْدِ وَجَبَ بِالدُّخُولِ]
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ} [النساء: ٢٤]: فِيهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ أَرَادَ اسْتِمْتَاعَ النِّكَاحِ الْمُطْلَقِ؛ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَإِحْدَى رِوَايَتَيْ ابْنِ عَبَّاسٍ.
الثَّانِي: أَنَّهُ مُتْعَةُ النِّسَاءِ بِنِكَاحِهِنَّ إلَى أَجَلٍ؛ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمُتْعَةِ فَقَرَأَ: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَاَللَّهِ لَأَنْزَلَهَا اللَّهُ كَذَلِكَ.
وَرُوِيَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: أَعْطَانِي ابْنُ عَبَّاسٍ مُصْحَفًا، وَقَالَ: هَذَا قِرَاءَةُ أُبَيٍّ، وَفِيهِ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ، وَلَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ عَنْهُمَا؛ فَلَا تَلْتَفِتُوا إلَيْهِ، وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ يَعْنِي بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ. أَمَّا إنَّهُ يَقْتَضِي بِظَاهِرِهِ أَنَّ الصَّدَاقَ إذَا لَمْ يُسَمَّ فِي الْعَقْدِ وَجَبَ بِالدُّخُولِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي التَّفْوِيضِ، وَأَمَّا مُتْعَةُ النِّسَاءِ فَهِيَ مِنْ غَرَائِبِ الشَّرِيعَةِ؛ لِأَنَّهَا أُبِيحَتْ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ حُرِّمَتْ يَوْمَ خَيْبَرَ، ثُمَّ أُبِيحَتْ فِي غَزْوَةِ أَوْطَاسٍ، ثُمَّ حُرِّمَتْ بَعْدَ ذَلِكَ، وَاسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ بَيَانًا يَشْفِي الصُّدُورَ.
[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: {فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء: ٢٤]: سَمَّاهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَجْرًا، وَسَمَّاهُ فِي الْآيَةِ الْأُولَى فِي أَوَّلِ السُّورَةِ نِحْلَةً، وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى تِلْكَ الْآيَةِ، وَكَانَتْ الْفَائِدَةُ بِهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْبَيَانُ لِحَالِ الصَّدَاقِ، وَأَنَّهُ مِنْ وَجْهٍ نِحْلَةٌ وَمِنْ وَجْهٍ عِوَضٌ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عِوَضٌ، وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: النِّكَاحُ أَشْبَهُ شَيْءٍ بِالْبُيُوعِ، لِمَا فِيهِ مِنْ أَحْكَامِ الْبُيُوعِ، وَهُوَ وُجُوبُ الْعِوَضِ وَتَعْرِيفِهِ وَإِبْقَاؤُهُ وَرَدُّهُ بِالْعَيْبِ وَالْقِيَامُ فِيهِ بِالشُّفْعَةِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِهِ.
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: {فَرِيضَةً} [النساء: ٢٤]: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِلْإِتْيَانِ لِيَخْلُصَ الْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute