بِذُنُوبِهِمْ، وَأَعْطَاهُمْ عَلَى قَدْرِ حُقُوقِهِمْ عِنْدَ مَنْ يَرَى ذَلِكَ مِنْ الْمُبْتَدِعَةِ أَوْ عَلَى تَقْدِيرِ ذَلِكَ فِيهِمْ، لَمَا وَجَبَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْءٌ، وَلَا غُفِرَ لِلْخَلْقِ ذَنْبٌ؛ وَلَكِنَّهُ أَنْعَمَ عَلَى الْكُلِّ، وَقَدَّمَ مَنَازِلَ الْأَنْبِيَاءِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ -، وَأَعْطَى كُلًّا عَلَى قَدْرِ عِلْمِهِ وَحُكْمِهِ وَحِكْمَتِهِ؛ وَذَلِكَ كُلُّهُ بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ.
[الْآيَة السَّادِسَة عَشْرَة قَوْله تَعَالَى تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إلَيْك مَنْ تَشَاءُ]
[سَبَبِ نُزُولِهَا]
الْآيَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا} [الأحزاب: ٥١].
فِيهَا عَشْرُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا:
وَفِي ذَلِكَ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلُ رَوَى أَبُو رَزِينٍ الْعُقَيْلِيُّ «أَنَّ نِسَاءَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَشْفَقْنَ أَنْ يُطَلِّقَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُلْنَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ اجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِك وَمَالِك مَا شِئْت، فَكَانَتْ مِنْهُنَّ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ، وَجُوَيْرِيَةُ، وَصَفِيَّةُ، وَمَيْمُونَةُ، وَأُمُّ حَبِيبَةَ، غَيْرُ مَقْسُومٍ لَهُنَّ وَكَانَ مِمَّنْ آوَى عَائِشَةُ، وَأُمُّ سَلَمَةَ، وَزَيْنَبُ، وَأُمُّ سَلَمَةَ، يَضُمُّهُنَّ، وَيَقْسِمُ لَهُنَّ» قَالَهُ الضَّحَّاكُ.
الثَّانِي: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَرَادَ مَنْ شِئْت أَمْسَكْت، وَمَنْ شِئْت طَلَّقْت.
الثَّالِثُ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا خَطَبَ امْرَأَةً لَمْ يَكُنْ لِرَجُلٍ أَنْ يَخْطِبَهَا حَتَّى يَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ يَتْرُكَهَا.
وَالْمَعْنَى اُتْرُكْ نِكَاحَ مَنْ شِئْت، وَانْكِحْ مَنْ شِئْت؛ قَالَهُ الْحَسَنُ.
الرَّابِعُ: تَعْزِلُ مَنْ شِئْت، وَتَضُمُّ مَنْ شِئْت؛ قَالَهُ قَتَادَةُ.
الْخَامِسُ: قَالَ أَبُو رَزِينٍ: تَعْزِلُ مَنْ شِئْت عَنْ الْقَسْمِ، وَتَضُمُّ مَنْ شِئْت إلَى الْقَسْمِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute