للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ قَالَ رَجُلٌ مِنْ الصُّوفِيَّةِ لِأُمِّهِ: يَا أُمَّاهُ؛ ذَرِينِي لِلَّهِ أَتَعَبَّدْ لَهُ وَأَتَعَلَّمُ الْعِلْمَ. فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَسَارَ حَتَّى تَبَصَّرَ ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا فَدَقَّ الْبَابَ، فَقَالَتْ: مَنْ؟ قَالَ: ابْنُكِ فُلَانٌ. قَالَتْ: قَدْ تَرَكْنَاكَ لِلَّهِ وَلَا نَعُودُ فِيك.

[مَسْأَلَةٌ قَوْلُهُ تَعَالَى وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى]

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ قَوْلُهُ: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى} [آل عمران: ٣٦] يُحْتَمَلُ أَنْ تُرِيدَ بِهِ فِي كَوْنِهَا تَحِيضُ وَلَا تَصْلُحُ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ لِلْمَسْجِدِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُرِيدَ بِهَا أَنَّهَا امْرَأَةٌ فَلَا تَصْلُحُ لِمُخَالَطَةِ الرِّجَالِ؛ وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَقَدْ تَبَرَّأَتْ مِنْهَا، وَلَعَلَّ الْحِجَابَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ كَمَا كَانَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ. وَفِي صَحِيحِ الْحَدِيثِ: «أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَتْ تَقُمَّ الْمَسْجِدَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -». وَفِيهِ اخْتِلَافٌ فِي الرِّوَايَةِ كَثِيرٌ. الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ رِوَايَةُ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ التَّعَلُّقُ بِشَرَائِعِ الْمَاضِينَ فِي الْأَحْكَامِ وَالْآدَابِ؛ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ.

[مَسْأَلَةٌ حَقّ الْحَضَانَةَ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ لَوْ صَحَّ أَنَّهَا أَسْلَمَتْهَا فِي خِرَقِهَا إلَى الْمَسْجِدِ فَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا لَكَانَ ذَلِكَ فِي أَنَّ الْحَضَانَةَ حَقٌّ لِلْأُمِّ أَصْلًا. وَقَدْ اخْتَلَفَتْ فِيهِ رِوَايَةُ عُلَمَائِنَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْحَضَانَةَ حَقٌّ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ.

الثَّانِي: أَنَّهَا حَقٌّ لِلْأُمِّ. الثَّالِثُ: أَنَّهَا حَقٌّ لِلْوَلَدِ. وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي مَسَائِلِ الْفُرُوعِ بِوَاضِحِ الدَّلِيلِ.

[مَسْأَلَةٌ النَّذْرِ فِي الْحَمْلِ]

الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ الْقَوْلُ وَالتَّأْوِيلُ فَإِنَّ الْآيَةَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ النَّذْرِ فِي الْحَمْلِ، وَكُلُّ عَقْدٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ عِوَضٌ بِدَلِيلِ إجْمَاعِهِمْ عَلَى نُفُوذِ الْعِتْقِ فِيهِ، وَالنَّذْرُ مِثْلُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>