للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَزْوَاجِ، فَسَقَطَتْ بِتَرْكِهِنَّ وَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ النَّفَقَةَ مِنْ أَحْكَامِ الرَّجْعَةِ، وَالسُّكْنَى مِنْ حُقُوقِ الْعِدَّةِ.

[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْلُهُ تَعَالَى إلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ]

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ قَوْلُهُ: {إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ} [الطلاق: ١]: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ الزِّنَا.

الثَّانِي: أَنَّهُ الْبَذَاءُ؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ كُلُّ مَعْصِيَةٍ. وَاخْتَارَهُ الطَّبَرِيُّ.

الرَّابِعُ: أَنَّهُ الْخُرُوجُ مِنْ الْبَيْتِ؛ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عُمَرَ.

فَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّهُ الْخُرُوجُ لِلزِّنَا فَلَا وَجْهَ لَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْخُرُوجَ هُوَ خُرُوجُ الْقَتْلِ وَالْإِعْدَامِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُسْتَثْنًى فِي حَلَالٍ وَلَا حَرَامٍ.

وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّهُ الْبَذَاءُ فَهُوَ مُعْتَبَرٌ فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ.

وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّهُ كُلُّ مَعْصِيَةٍ فَوَهْمٌ؛ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ وَنَحْوَهَا مِنْ الْمَعَاصِي لَا تُبِيحُ الْإِخْرَاجَ وَلَا الْخُرُوجَ.

وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّهُ الْخُرُوجُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَهُوَ صَحِيحٌ. وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ: لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ شَرْعًا إلَّا أَنْ يَخْرُجْنَ تَعَدِّيًا.

وَتَحْقِيقُ الْقَوْلِ فِي الْآيَةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ السُّكْنَى، وَحَرَّمَ الْخُرُوجَ وَالْإِخْرَاجَ تَحْرِيمًا

عَامًّا، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ مَا بَيَّنَّاهُ، وَرَتَّبْنَا عَلَيْهِ إيضَاحَ الْخُرُوجِ الْمَمْنُوعِ مِنْ الْجَائِزِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَة التَّحْرِيضُ عَلَى طَلَاقِ الْوَاحِدَةِ وَالنَّهْيُ عَنْ الثَّلَاث]

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ قَوْلُهُ: {لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: ١]: قَالَ جَمِيعُ الْمُفَسِّرِينَ: أَرَادَ بِالْأَمْرِ هَاهُنَا الرَّغْبَةَ فِي الرَّجْعَةِ، وَمَعْنَى الْقَوْلِ: التَّحْرِيضُ عَلَى طَلَاقِ الْوَاحِدَةِ، وَالنَّهْيُ عَنْ الثَّلَاث؛ فَإِنَّهُ إذَا طَلَّقَ ثَلَاثًا أَضَرَّ بِنَفْسِهِ عِنْدَ النَّدَمِ عَلَى الْفِرَاقِ، وَالرَّغْبَةِ فِي الِارْتِجَاعِ، وَلَا يَجِدُ عِنْدَ إرَادَةِ الرَّجْعَةِ سَبِيلًا. وَكَمَا أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>