للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجُمُعَةِ رَاجِلًا. وَقَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَنْ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُمَا اللَّهُ عَلَى النَّارِ. فَذَلِكَ فَضْلٌ وَأَجْرٌ لَا شَرْطٌ.»

وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّهُ الْعَمَلُ فَأَعْمَالُ الْجُمُعَةِ هِيَ: الِاغْتِسَالُ، وَالتَّمَشُّطُ، وَالِادِّهَانُ، وَالتَّطَيُّبُ، وَالتَّزَيُّنُ بِاللِّبَاسِ، وَفِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَحَادِيثُ بَيَانُهَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ؛ وَظَاهِرُ الْآيَةِ وُجُوبُ الْجَمِيعِ، لَكِنَّ أَدِلَّةَ الِاسْتِحْبَابِ ظَهَرَتْ عَلَى أَدِلَّةِ الْوُجُوبِ، فَقَضَى بِهَا حَسْبَمَا بَيَّنَّاهُ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ.

[مَسْأَلَة خُطْبَةِ الْجُمُعَةَ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ قَوْله تَعَالَى: {إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩]: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنَّهُ الْخُطْبَةُ؛ قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنَّهُ الصَّلَاةُ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ [وَاجِبٌ] الْجَمِيعُ أَوَّلُهُ الْخُطْبَةُ، فَإِنَّهَا تَكُونُ عَقِبَ النِّدَاءِ؛ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْخُطْبَةِ، وَبِهِ قَالَ عُلَمَاؤُنَا، إلَّا عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ الْمَاجِشُونِ فَإِنَّهُ رَآهَا سُنَّةً.

وَالدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِهَا أَنَّهَا تُحَرِّمُ الْبَيْعَ، وَلَوْلَا وُجُوبُهَا مَا حَرَّمَتْهُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَبَّ لَا يُحَرِّمُ الْمُبَاحَ. وَإِذَا قُلْنَا: إنَّ الْمُرَادَ بِالذِّكْرِ الصَّلَاةُ فَالْخُطْبَةُ مِنْ الصَّلَاةِ، وَالْعَبْدُ يَكُونُ ذَاكِرًا لِلَّهِ [بِفِعْلِهِ] كَمَا يَكُونُ مُسَبِّحًا لِلَّهِ بِفِعْلِهِ.

[مَسْأَلَة الْبَيْعِ وَقْتَ النِّدَاء لِلْجُمُعَةِ]

الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ قَوْله تَعَالَى: {وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: ٩]: وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ، وَلَا خِلَافَ فِي تَحْرِيمِ الْبَيْعِ. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ إذَا وَقَعَ؛ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يُفْسَخُ.

وَقَالَ الْمُغِيرَةُ: يُفْسَخُ مَا لَمْ يَفُتْ. وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْوَاضِحَةِ، وَأَشْهَبُ، وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ: الْبَيْعُ مَاضٍ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: يُفْسَخُ بَيْعُ مَنْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>