أَحَدُهُمَا: الْإِخْلَاصُ، وَهُوَ أَنْ يَسْتَوِيَ ظَاهِرُ الْمَرْءِ وَبَاطِنُهُ.
وَالثَّانِي: النَّصِيحَةُ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ.
فَالنَّجْوَى خِلَافُ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ، وَبَعْدَ هَذَا فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ لِلْخَلْقِ مِنْ أَمْرٍ يَخْتَصُّونَ بِهِ فِي أَنْفُسِهِمْ، وَيَخُصُّ بِهِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَرَخَّصَ فِي ذَلِكَ بِصِفَةِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ؛ وَالْحَثِّ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَالسَّعْيِ فِي إصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا الْأَصْلُ فَفِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى قَوْله تَعَالَى: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ} [النساء: ١١٤]: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّجْوَى مَصْدَرًا، كَالْبَلْوَى وَالْعَدْوَى، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْمًا لِلْمُنْتَجِينَ كَمَا قَالَ: {وَإِذْ هُمْ نَجْوَى} [الإسراء: ٤٧]. فَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى الْمُنْتَجِينَ فَقَوْلُهُ: {إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ} [النساء: ١١٤] اسْتِثْنَاءُ شَخْصٍ مِنْ شَخْصٍ، وَإِنْ كَانَ مَصْدَرًا جَازَ الِاسْتِثْنَاءُ عَلَى حَذْفِ تَقْدِيرِهِ: إلَّا نَجْوَى مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ.
[مَسْأَلَة إذَا كَانَ ثَلَاثَةٌ فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ وَاحِدٍ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي صِفَةِ النَّجْوَى: ثَبَتَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا كَانَ ثَلَاثَةٌ فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ وَاحِدٍ».
وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute