الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: هَذَا الَّذِي زَمْزَمَ بِهِ أَنَا أَعْرِفُهُ. قَوْلُهُ: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا} [المائدة: ٦] لَا يَخْلُو مِنْ سِتَّةِ أَقْسَامٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَا يَرْبِطُ غَسْلَ الْوَجْهِ وَمَا بَعْدَهُ بِشَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ.
الثَّانِي: أَنَّهُ يَرْبِطُهُ بِالْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ أَوْ الْحَدَثِ وَبِالصَّلَاةِ، وَهُوَ: الثَّالِثُ، أَوْ بِالصَّلَاةِ وَهُوَ: الرَّابِعِ، أَوْ بِالْكُلِّ وَهُوَ: الْخَامِسِ، أَوْ بِبَعْضِهِ وَهُوَ: السَّادِسِ.
فَإِنْ قِيلَ: لِمَ نَرْبِطُهُ بِشَيْءٍ كَانَ مُحَالًا لُغَةً كَمَا تَقَدَّمَ، مُحَالًا بِالْإِجْمَاعِ، فَإِنَّهُ قَدْ رُبِطَ بِمَا رُبِطَ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِيهِ، وَإِنْ رَبَطَهُ بِالْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ فَمُحَالٌ ضَرُورَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَمُحَالٌ مَعْنًى؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْقِيَامِ لَا يُقْصَدُ بِذَلِكَ مِنْ الْوُضُوءِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ مَعْنَاهُ إذَا أَرَدْتُمْ الْقِيَامَ، وَنَفْسُ الْإِرَادَةِ هِيَ النِّيَّةُ.
وَأَمَّا إنْ أَرَدْت رَبْطَهُ بِالْحَدِيثِ فَبِالْإِجْمَاعِ أَنَّ الْوُضُوءَ يَجِبُ بِهِ، لَا مِنْ أَجْلِهِ. وَإِنْ قُلْتُمْ بِالصَّلَاةِ فَكَذَلِكَ هُوَ. وَقَدْ صَرَّحَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ». وَإِذَا أَمَرَ بِغَسْلِ الصَّلَاةِ فَلَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَمْتَثِلْ مَا أُمِرَ بِهِ، وَإِنْ قَالَ: إنَّهُ وَجَبَ لِأَجْلِ الْكُلِّ فَقَدْ تَبَيَّنَ فَسَادُهُ؛ وَهَذَا تَحْقِيقٌ مِنْ كَلَامِهِ فِي غَرَضِهِ بِعَيْنِهِ.
[مَسْأَلَة إذَا وَجَبَتْ النِّيَّةُ لِلْوُضُوءِ أَوْ الصَّلَاةِ أَوْ الصِّيَامِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ: إذَا وَجَبَتْ النِّيَّةُ لِلْوُضُوءِ أَوْ الصَّلَاةِ أَوْ الصِّيَامِ، أَيْ لِأَيِّ عِبَادَةٍ وَجَبَتْ، فَمَحَلُّهَا أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute