[سُورَةُ الْمُدَّثِّرِ فِيهَا أَرْبَعُ آيَاتٍ] [الْآيَة الْأُولَى قَوْله تَعَالَى يَأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ]
الْآيَةُ الْأُولَى قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: ١].
فِيهَا مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى رَوَى الْعَدْلُ فِي الصَّحِيحِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ قَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ: سَأَلْت أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَوَّلِ مَا نَزَلَ مِنْ الْقُرْآنِ، فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: ١]. قُلْت: إنَّهُمْ يَقُولُونَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: ١]. فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ: سَأَلْت جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ذَلِكَ، وَقُلْتُ لَهُ مِثْلَ الَّذِي قُلْتَ، فَقَالَ جَابِرٌ: لَا أُحَدِّثُك إلَّا مَا حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «جَاوَرْت بِحِرَاءٍ، فَلَمَّا قَضَيْت جِوَارِي هَبَطْت فَنُودِيتُ، فَنَظَرْت عَنْ يَمِينِي فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، فَرَفَعْت رَأْسِي فَرَأَيْت شَيْئًا، فَأَتَيْت خَدِيجَةَ، فَقُلْت: دَثِّرُونِي وَصُبُّوا عَلَيَّ مَاءً بَارِدًا. قَالَ: فَدَثَّرُونِي وَصَبُّوا عَلَيَّ مَاءً بَارِدًا، فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: ١] {قُمْ فَأَنْذِرْ} [المدثر: ٢] {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: ٣] {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: ٤] {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: ٥] {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: ٦] {وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} [المدثر: ٧]»
وَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: إنَّهُ جَرَى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عُقْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ أَمْرٌ، فَرَجَعَ إلَى مَنْزِلِهِ مَغْمُومًا، فَتَلَفَّفَ وَاضْطَجَعَ، فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: ١]. وَهَذَا بَاطِلٌ.
وَقِيلَ: أَرَادَ يَا مَنْ تَدَثَّرَ بِالنُّبُوَّةِ. وَهَذَا مَجَازٌ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا إلَّا بَعْدُ، عَلَى أَنَّهَا أَوَّلُ الْقُرْآنِ، وَلَمْ يَكُنْ تَمَكَّنَ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ ثَانِي مَا نَزَلَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute