أَعْلَمُ، فِي الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ لِقِصَّةِ إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - وَذَكَرَهُ إلَى قَوْلِهِ: «فَكَانَتْ كَذَلِكَ هَاجَرُ حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ جُرْهُمٍ مُقْبِلِينَ مِنْ طُرُقِ كَدَاءٍ أَوْ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ طَرِيقِ كَدَاءٍ، أَوْ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ جُرْهُمٍ، نَزَلُوا فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ، فَرَأَوْا طَائِرًا عَلَيْهِمَا فَقَالُوا: إنَّ هَذَا الطَّائِرَ يَدُورُ عَلَى مَاءٍ لَعَهْدُنَا بِهَذَا الْوَادِي وَمَا فِيهِ مَاءٌ، فَأَرْسَلُوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ
فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ، فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوهُمْ بِالْمَاءِ فَأَقْبَلُوا. قَالَ وَأُمُّ إسْمَاعِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عِنْدَ الْمَاءِ، فَقَالُوا: أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَك؟ قَالَتْ: نَعَمْ، ولَكِنْ لَا حَقَّ لَكُمْ فِي الْمَاءِ. قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قَالَتْ ذَلِكَ أُمُّ إسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُحِبُّ الْإِنْسَ، فَنَزَلُوا وَأَرْسَلُوا إلَى أَهْلِيهِمْ، فَنَزَلُوا مَعَهُمْ، حَتَّى إذَا كَانُوا بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ، وَشَبَّ الْغُلَامُ، وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ وَأَنْفَسَهُمْ وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ، فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ» وَسَاقَ الْحَدِيثَ.
[الْآيَةُ الرَّابِعَةُ قَوْله تَعَالَى أَرَأَيْت الَّذِي يَنْهَى عَبْدًا إذَا صَلَّى]
الْآيَةُ الرَّابِعَةُ قَوْله تَعَالَى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى} [العلق: ٩] {عَبْدًا إِذَا صَلَّى} [العلق: ١٠]: فِيهَا مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ثَبَتَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ لَمَّا قَالَ أَبُو جَهْلٍ: لَئِنْ رَأَيْت مُحَمَّدًا لَأَطَأَنَّ عَلَى عُنُقِهِ. فَقَالَ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَوْ فَعَلَ لَأَخَذَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عِيَانًا» خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي، فَجَاءَ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ: أَلَمْ أَنْهَك عَنْ هَذَا؟ أَلَمْ أَنْهَك عَنْ هَذَا؟ فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَزَبَرَهُ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: إنَّك لَتَعْلَمُ مَا بِهَا نَادٍ أَكْثَرَ مِنِّي، فَنَزَلَتْ: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ} [العلق: ١٧] {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} [العلق: ١٨] فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَاَللَّهِ لَوْ دَعَا نَادِيَهُ لَأَخَذَتْهُ زَبَانِيَةُ اللَّهِ».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute