للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَتْمِيمٌ فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَقُلْت: زَيْدٌ فَاضْرِبْهُ فَإِنْ نَصَبْته فَعَلَى تَقْدِيرِ فِعْلٍ، وَإِنْ رَفَعْته فَعَلَى تَقْدِيرِ الِابْتِدَاءِ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى قَصْدِ الْمُخْبِرِ، وَيَكُونُ تَقْدِيرُهُ مَعَ النَّصْبِ اضْرِبْ زَيْدًا فَاضْرِبْهُ، فَأَمَّا إذَا طَالَ الْكَلَامُ فَقُلْت: زَيْدًا فَاقْطَعْ يَدَهُ كَانَ النَّصْبُ أَقْوَى؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ يَطُولُ فَيَقْبُحُ الْإِضْمَارُ فِيهِ لِطُولِهِ. وَهَذَا قَالَبُ سِيبَوَيْهِ أَفْرَغْنَا عَلَيْهِ. وَأَقُولُ: إنَّ الْكَلَامَ إذَا كَانَ فِيهِ مَعْنَى الْجَزَاءِ، أَوْ كَانَتْ الْفَاءُ فِيهِ مُنَزَّلَةً عَلَى تَقْدِيرِ جَوَابِهِ فَإِنَّ الرَّفْعَ فِيهِ أَعْلَى؛ لِأَنَّ الِابْتِدَاءَ يَكُونُ لَهُ، فَلَا يَبْقَى لِتَقْدِيرِ الْمَفْعُولِ إلَّا وَجْهٌ بَعِيدٌ؛ فَهَذَا مُنْتَهَى الْقَوْلِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ. وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَة السَّرِقَةُ تَتَعَلَّقُ بِخَمْسَةِ مَعَانٍ]

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ عَامَّةٌ، لَا طَرِيقَ لِلْإِجْمَالِ إلَيْهَا، فَالسَّرِقَةُ تَتَعَلَّقُ بِخَمْسَةِ مَعَانٍ: فِعْلٌ هُوَ سَرِقَةٌ، وَسَارِقٌ، وَمَسْرُوقٌ مُطْلَقٌ، وَمَسْرُوقٌ مِنْهُ، وَمَسْرُوقٌ فِيهِ. فَهَذِهِ خَمْسَةُ مُتَعَلِّقَاتٍ يَتَنَاوَلُ الْجَمِيعَ عُمُومُهَا إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ. أَمَّا السَّرِقَةُ فَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا. وَأَمَّا السَّارِقُ، وَهِيَ [الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ].

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: [السَّارِقُ]: فَهُوَ فَاعِلٌ مِنْ السَّرِقَةِ، وَهُوَ كُلُّ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا عَلَى طَرِيقِ الِاخْتِفَاءِ عَنْ الْأَعْيُنِ؛ لَكِنَّ الشَّرِيعَةَ شَرَطَتْ فِيهِ سِتَّةَ مَعَانٍ: الْعَقْلُ: لِأَنَّ مَنْ لَا يَعْقِلُ لَا يُخَاطَبُ عَقْلًا. وَالْبُلُوغُ: لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ لَا يَتَوَجَّه إلَيْهِ الْخِطَابُ شَرْعًا. وَبُلُوغُ الدَّعْوَةِ: لِأَنَّ مَنْ كَانَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ وَلَمْ يُثَافَنْ حَتَّى يَعْرِفَ الْأَحْكَامَ، وَادَّعَى الْجَهْلَ فِيمَا أَتَى مِنْ السَّرِقَةِ وَالزِّنَا وَظَهَرَ صِدْقُهُ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ عُقُوبَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>