للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهَا خَمْسُ مَسَائِلَ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا: يُرْوَى «أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَغْزُو الرِّجَالُ وَلَا نَغْزُو؟ وَيَذْكُرُ الرِّجَالُ وَلَا نَذْكُرُ؟ وَلَنَا نِصْفُ الْمِيرَاثِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ هَذِهِ الْآيَةَ: {وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: ٣٢]».

[مَسْأَلَةُ حَقِيقَة التَّمَنِّي]

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي حَقِيقَةِ التَّمَنِّي: وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْإِرَادَةِ يَتَعَلَّقُ بِالْمُسْتَقْبِلِ، كَالتَّلَهُّفِ نَوْعٌ مِنْهَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَاضِي.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: نَهَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنْ التَّمَنِّي؛ لِأَنَّ فِيهِ تَعَلُّقَ الْبَالِ بِالْمَاضِي وَنِسْيَانَ الْآجِلِ، وَلِأَجْلِ مَا فِيهِ مِنْ ذَلِكَ وَقَعَ النَّهْيُ عَنْهُ، وَتَفَطَّنَ الْبُخَارِيُّ لَهُ فَعَقَدَ لَهُ فِي جَامِعِهِ كِتَابًا فَقَالَ: كِتَابُ التَّمَنِّي، وَأَدْخَلَ فِيهِ أَبْوَابًا وَمَسَائِلَ هُنَاكَ تُرَى مُسْتَوْفَاةً بَالِغَةً إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: الْمُرَادُ هَاهُنَا النَّهْيُ عَنْ التَّمَنِّي الَّذِي تَسْتَحْسِنُهُ عِنْدَ الْغَيْرِ حَتَّى يَنْتَقِلَ إلَيْكَ، وَهُوَ الْحَسَدُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ مُطْلَقًا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. أَمَّا أَنَّهُ يَجُوزُ تَمَنِّي مِثْلِهِ وَهِيَ الْغِبْطَةُ، فَيُسْتَحَبُّ الْغَبْطُ فِي الْخَيْرِ؛ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا حَسَدَ إلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ يَتْلُو الْقُرْآنَ، وَآخَرُ يَعْمَلُ الْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُهَا». هَذَا مَعْنَاهُ. قَالَ: اعْمَلُوا وَلَا تَتَمَنَّوْا، فَلَيْتَكُمْ قُمْتُمْ بِمَا أُوتِيتُمْ، وَاسْتَطَعْتُمْ مَا عِنْدَكُمْ. وَأَحْسَنُ عِبَارَةٍ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الصُّوفِيَّةِ: كُنْ طَالِبَ حُقُوقِ مَوْلَاكَ وَلَا تَتَّبِعْ مُتَعَلِّقَاتِ هَوَاكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>