[الْآيَةُ الرَّابِعَة قَوْله تَعَالَى إنَّا سَنُلْقِي عَلَيْك قَوْلًا ثَقِيلًا]
} [المزمل: ٥] فِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا ثِقَلُهُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ كَانَ يُلْقِيهِ الْمَلَكُ إلَيْهِ، وَقَدْ «سُئِلَ كَيْفَ يَأْتِيك الْوَحْيُ؟ فَقَالَ: أَحْيَانًا يَأْتِينِي الْمَلَكُ مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ، وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ، فَيُفْصِمُ عَنِّي، وَقَدْ وَعَيْت مَا قَالَ». وَقَدْ كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ فَيَتَفَصَّدُ جَبِينُهُ عَرَقًا.
الثَّانِي: ثِقَلُ الْعَمَلِ بِهِ؛ قَالَهُ الْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَغَيْرُهُمَا.
وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨] وَجَاءَ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: بُعِثْت بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ».
وَقَدْ قِيلَ: أَرَادَ ثِقَلَهُ فِي الْمِيزَانِ.
وَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ، فَتُلْقِي بِجِرَانِهَا عَلَى الْأَرْضِ، فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُسَرِّيَ عَنْهُ» وَهَذَا يُعَضِّدُ ثِقَلَ الْحَقِيقَةِ.
[الْآيَةُ الْخَامِسَة قَوْله تَعَالَى إنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا]
} [المزمل: ٦]: فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى {نَاشِئَةَ اللَّيْلِ} [المزمل: ٦]، فَاعِلَةٌ مِنْ قَوْلِك: نَشَأَ يَنْشَأُ، فَهُوَ نَاشِئٌ، وَنَشَأَتْ تَنْشَأُ فَهِيَ نَاشِئَةٌ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف: ١٨]
وَقَالَ الْعُلَمَاءُ بِالْأَثَرِ: إذَا نَشَأَتْ بَحْرِيَّةً، ثُمَّ تَشَاءَمَتْ فَتِلْكَ عَيْنُ غُدَيْقَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute