الثَّانِي: مَكْفُولٌ بِقَرَابَةٍ أَوْ جِوَارٍ. وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْكَافِلَ لَهُ نَاظِرٌ كَمَا لَوْ وَصَّى إلَيْهِ الْأَبُ، إلَّا أَنَّ الْكَافِلَ نَاظِرٌ فِي حِفْظِ الْمَوْجُودِ، وَالْمَعْهُودُ إلَيْهِ قَائِمٌ مَقَامَ الْأَبِ فِي التَّصَرُّفِ الْمُطْلَقِ؛ فَإِنْ كَانَ الْيَتِيمُ عَرِيًّا عَنْ كَافِلٍ وَوَصِيٍّ فَالْمُخَاطَبُ وَلِيُّ الْأَوْلِيَاءِ، وَهُوَ السُّلْطَانُ؛ فَهُوَ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ، وَهُوَ وَلِيٌّ عَلَى الْأَوْلِيَاءِ، فَصَارَ تَقْدِيرُ الْآيَةِ: يَا مَنْ إلَيْهِ يَتِيمٌ بِكَفَالَةٍ أَوْ عَهْدٍ أَوْ وِلَايَةٍ عَامَّةٍ، افْعَلْ كَذَا.
[مَسْأَلَةٌ لِلْوَصِيِّ وَالْكَافِلِ أَنْ يَحْفَظَ الصَّبِيَّ فِي بَدَنِهِ وَمَالِهِ]
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا: فِي قَوْله تَعَالَى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: ٦] دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْوَصِيِّ وَالْكَافِلِ أَنْ يَحْفَظَ الصَّبِيَّ فِي بَدَنِهِ وَمَالِهِ؛ إذْ لَا يَصِحُّ الِابْتِلَاءُ إلَّا بِذَلِكَ، فَالْمَالُ يَحْفَظُهُ بِضَبْطِهِ وَالْبَدَنُ يَحْفَظُهُ بِأَدَبِهِ. وَرُوِيَ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ فِي حِجْرِي يَتِيمًا أَآكُلُ مِنْ مَالِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مَالًا وَلَا وَاقٍ مَالَكَ بِمَالِهِ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَأَضْرِبُهُ؟ قَالَ: مَا كُنْت ضَارِبًا مِنْهُ وَلَدَكَ». وَهَذَا وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ مُسْنَدًا فَلَيْسَ يَجِدُ عَنْهُ أَحَدٌ مُلْتَحَدًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِصْلَاحُ، وَإِصْلَاحُ الْبَدَنِ أَوْكَدُ مِنْ إصْلَاحِ الْمَالِ؛ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُعَلِّمُهُ الصَّلَاةَ، وَيَضْرِبُهُ عَلَيْهَا، وَيَكْفِهِ عَنْ الْحَرَامِ بِالْكَهْرِ وَالْقَهْرِ.
[مَسْأَلَةٌ كُلَّ مَالٍ قُبِضَ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ بِإِشْهَادٍ لَا يَبْرَأُ مِنْهُ إلَّا بِإِشْهَادٍ عَلَى دَفْعِهِ]
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: ٦] قَالَ عُلَمَاؤُنَا: أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْإِشْهَادِ تَنْبِيهًا عَلَى التَّحْصِينِ وَإِرْشَادًا إلَى نُكْتَةٍ بَدِيعَةٍ؛ وَهِيَ أَنَّ كُلَّ مَالٍ قُبِضَ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ بِإِشْهَادٍ لَا يَبْرَأُ مِنْهُ إلَّا بِإِشْهَادٍ عَلَى دَفْعِهِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: ٦] وَهُوَ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ، فَلَوْ ضَاعَ قَبْلَ قَوْلِهِ، فَإِذَا قَالَ دَفَعْت لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِالْإِشْهَادِ؛ لِأَنَّ الضَّيَاعَ لَا يُمْكِنُهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَقْتَ ضَيَاعِهِ، فَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute