وَاَلَّذِي يَقْطَعُ الْعُذْرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيَّرَ بَرِيرَةَ وَلَمْ يَجْعَلْ مَا طَرَأَ مِنْ الْعِتْقِ عَلَيْهَا، وَلَا مَا مَلَكَتْ مِنْ نَفْسِهَا، مُبْطِلًا لِنِكَاحِ زَوْجِهَا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كُلُّ مِلْكٍ مُتَجَدِّدٍ. وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ وَفِيمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ هَاهُنَا مِنْ الْأَثَرِ وَالْمَعْنَى كِفَايَةٌ لِمَنْ سَدَّدَ النَّظَرَ، فَوَضَحَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُحْصَنَاتِ الْجَمِيعُ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ السَّبْيُ الَّذِي نَزَلَتْ الْآيَةُ فِي بَيَانِهِ.
وَأَمَّا تَحْرِيمُ الْأَرْبَعِ فَيَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ]
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: قَوْلُهُ: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤]: هَذَا عُمُومٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِمَّنْ نَفَاهُ وَمِمَّنْ أَثْبَتَهُ؛ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَدَّدَ الْمُحَرَّمَاتِ، ثُمَّ قَالَ: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤]؛ فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْمُرَادِ بِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: الْمُرَادُ بِهِ مَنْ عَدَا الْقَرَابَةِ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ الْمَذْكُورَاتِ. الثَّانِي: مَا دُونَ الْأَرْبَعِ. الثَّالِثُ: مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ.
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: عَجَبًا لِلْأَوَائِلِ كُلِّفُوا فَهَرَفُوا؛ نَظَرُوا إلَى السُّدِّيِّ يَقُولُ: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤] يَعْنِي مَا دُونَ الْأَرْبَعِ، وَكَمْ حَرَامٍ بَعْدَ هَذَا، وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ هَذَا الْعُمُومَ مَخْصُوصٌ فِيمَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ عَطَاءٍ: إنَّهُ فِيمَا زَادَ عَلَى الْقَرَابَةِ، وَبَقِيَ الْأَجَانِبُ غَيْرَ مُبَيَّنَاتٍ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ قَتَادَةَ؛ بَلْ أَضْعَفُ؛ لِأَنَّهُ رَدَّ التَّحْلِيلَ إلَى الْإِمَاءِ خَاصَّةً.
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: اعْلَمُوا وَفَّقَكُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّا قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَأْتِ دَفْعَةً، وَلَا وَقَعَ الْبَيَانُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute