تَفْصِيلِهِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ؛ وَإِنَّمَا جَاءَ نُجُومًا وَشُذِّرَ شُذُورًا لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ وَحِكْمَةٍ بَالِغَةٍ؛ فَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَذَكَرَ الْمُحَرَّمَاتِ مَعْدُودَاتٍ مَشْرُوحَاتٍ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَكِنَّهُ فَرَّقَهَا عَلَى السُّوَرِ وَالْآيَاتِ، وَقَسَّمَهَا عَلَى الْحَالَاتِ وَالْأَوْقَاتِ؛ فَاجْتَمَعَتْ الْعُلَمَاءُ وَكَمُلَتْ فِي الدِّينِ، كَمَا كَمُلَ جَمِيعُهُ وَاسْتَوْثَقَ وَانْتَظَمَ وَاتَّسَقَ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ».
وَقَدْ بَلَغَ الْعُلَمَاءُ الْأَسْبَابَ الْمُبِيحَةَ لِلدَّمِ إلَى عَشَرَةٍ يَأْتِي ذِكْرُهَا فِي مَوْضِعِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَعَدَدُ الْمُحَرَّمَاتِ فِي الشَّرِيعَةِ عِنْدَنَا حَسْبَمَا رَتَّبْنَا مِنْ الْأَدِلَّةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ مِنْ النِّسَاءِ أَرْبَعُونَ امْرَأَةً، مِنْهُنَّ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ حُرِّمْنَ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا، وَمِنْهُنَّ سِتَّ عَشْرَةَ تَحْرِيمُهُنَّ لِعَارِضٍ. فَأَمَّا الْأَرْبَعُ وَالْعِشْرُونَ فَهُنَّ: الْأُمُّ، الْبِنْتُ، الْأُخْتُ، الْعَمَّةُ، الْخَالَةُ، بِنْتُ الْأَخِ، بِنْتُ الْأُخْتِ، فَهَؤُلَاءِ سَبْعٌ. وَمِنْ الرَّضَاعِ مِثْلُهُنَّ بِالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، كَمُلْنَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَحَلِيلَةُ الْأَبِ، وَحَلِيلَةُ الِابْنِ، وَأُمُّ الزَّوْجَةِ، وَرَبِيبَةُ الزَّوْجَةِ، الْمَدْخُولِ بِهَا. وَمِنْ الْجَمْعِ ثَلَاثٌ؛ وَهُنَّ الْأُخْتَانِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَالْمَرْأَةُ وَعَمَّتُهَا، وَالْمَرْأَةُ وَخَالَتُهَا، لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيَانِهِ، وَكَذَلِكَ الْمُلَاعَنَةُ سَنَةً، وَالْمَنْكُوحَةُ فِي الْعِدَّةِ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ فِي قَضَاءِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَزَوْجَاتُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ سَقَطَ هَذَا الْوَجْهُ بِمَوْتِهِنَّ.
وَأَمَّا الْمُحَرَّمَاتُ لِعَارِضٍ فَهُنَّ: الْخَامِسَةُ، وَالْمُزَوَّجَةُ، وَالْمُعْتَدَّةُ، وَالْمُسْتَبْرَأَة، وَالْحَامِلُ، وَالْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا، وَالْمُشْرِكَةُ، وَالْأَمَةُ الْكَافِرَةُ، وَالْأَمَةُ الْمُسْلِمَةُ لِوَاجِدِ الطُّولِ؛ وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَمَةُ الِابْنِ، وَالْمُحَرَّمَةُ، وَالْمَرِيضَةُ، وَمَنْ كَانَ ذَا مَحْرَمٍ مِنْ زَوْجِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute