للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نُقَدِّمَ شَرْحَ اللَّفْظَةِ، لِتَكُونَ إلَى جَانِبِ أُخْتِهَا. وَفِيهِ اخْتِلَافٌ وَإِشْكَالٌ، وَلِلْعُلَمَاءِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:

الْأَوَّلُ: الْمُرَاغَمُ: الْمَذْهَبُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ: الْمُرَاغَمُ الذَّهَابُ فِي الْأَرْضِ.

الثَّانِي: الْمُرَاغَمُ: الْمُتَحَوِّلُ، يُعْزَى إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ.

الثَّالِثُ: الْمُرَاغَمُ: الْمَنْدُوحَةُ. قَالَ مُجَاهِدٌ: وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ تَتَقَارَبُ.

وَاخْتُلِفَ فِي اشْتِقَاقِهَا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الرَّغَامِ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ التُّرَابُ.

وَقَالَتْ أُخْرَى: هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْهُ بِضَمِّ الرَّاءِ، وَهُوَ مَا يَسِيلُ مِنْ أَنْفِ الشَّاةِ. وَالرُّغَامُ بِضَمِّ الرَّاءِ يُرْجَعُ إلَى الرَّغَامِ بِفَتْحِهَا؛ لِأَنَّ مَنْ كَرِهَ رَجُلًا قَصَدَ ذُلَّهُ، وَأَنْ يَكُبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ، حَتَّى يَقَعَ أَنْفُهُ عَلَى الرَّغَامِ، وَهُوَ التُّرَابُ، فَضُرِبَ الْمِثْلُ بِهِ، حَتَّى يُقَالَ: أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَهُ، وَأَفْعَلَ كَذَا وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُهُ، ثُمَّ سُمِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ الْأَنْفُ وَمَا يَسِيلُ مِنْهُ بِهِ. وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ اللَّفْظَةَ تَرْجِعُ إلَى الرَّغَامِ بِفَتْحِ الرَّاءِ. الْمَعْنَى: وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مَكَانًا لِلذَّهَابِ، وَضَرَبَ التُّرَابَ لَهُ مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ أَنْوَاعِ الْأَرْضِ.

[مَسْأَلَة السَّفَرِ فِي الْأَرْضِ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْله تَعَالَى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} [النساء: ١٠١]: وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: فِي السَّفَرِ فِي الْأَرْضِ: تَتَعَدَّدُ أَقْسَامُهُ مِنْ جِهَاتٍ مُخْتَلِفَاتٍ، فَتَنْقَسِمُ مِنْ جِهَةِ الْمَقْصُودِ بِهِ إلَى هَرَبٍ أَوْ طَلَبٍ. وَتَنْقَسِمُ مِنْ جِهَةِ الْأَحْكَامِ إلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ، وَهِيَ مِنْ أَحْكَامِ أَفْعَال الْمُكَلَّفِينَ الشَّرْعِيَّةِ: وَاجِبٌ، وَمَنْدُوبٌ، وَمُبَاحٌ، وَمَكْرُوهٌ، وَحَرَامٌ. وَيَنْقَسِمُ مِنْ جِهَةِ التَّنْوِيعِ فِي الْمَقَاصِدِ إلَى أَقْسَامٍ:

<<  <  ج: ص:  >  >>