[مَسْأَلَة أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى إسْلَامِ أَهْلِهِ لِمَا لَا يَحِلُّ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: إذَا أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى إسْلَامِ أَهْلِهِ لِمَا لَا يَحِلُّ أَسْلَمَهَا، وَلَمْ يَقْتُلْ نَفْسَهُ دُونَهَا، وَلَا احْتَمَلَ إذَايَةً فِي تَخْلِيصِهَا.
وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ أَيُّوبَ بِمَدِينَةِ السَّلَامِ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ حَاجِبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَنْبَأَنَا شُعَيْبُ أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هَاجَرَ إبْرَاهِيمُ بِسَارَةَ، وَدَخَلَ بِهَا قَرْيَةً فِيهَا مَلِكٌ مِنْ الْمُلُوكِ، أَوْ جَبَّارٌ مِنْ الْجَبَابِرَةِ، فَأَرْسَلَ إلَيْهِ أَنْ أَرْسِلْ إلَيَّ بِهَا، فَقَامَ إلَيْهَا، فَقَامَتْ تَتَوَضَّأُ وَتُصَلِّي، فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ إنْ كُنْت آمَنْت بِك وَبِرَسُولِك فَلَا تُسَلِّطْ عَلَيَّ الْكَافِرَ، فَغُطَّ حَتَّى رَكَضَ بِرِجْلِهِ».
[مَسْأَلَة الْإِكْرَاهُ بِحَقٍّ]
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: فَإِنْ كَانَ الْإِكْرَاهُ بِحَقٍّ عِنْدَ الْإِبَايَةِ مِنْ الِانْقِيَادِ إلَيْهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ شَرْعًا تَنْفُذُ مَعَهُ الْأَحْكَامُ، وَلَا يُؤَثِّرُ فِي رَدِّ شَيْءٍ مِنْهَا. وَلَا خِلَافَ فِيهِ. وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ دَلِيلَ ذَلِكَ مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: «بَيْنَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إذْ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: انْطَلِقُوا إلَى يَهُودَ فَخَرَجْنَا مَعَهُ، حَتَّى جِئْنَا بَيْتَ الْمَدَارِسِ، فَقَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَادَاهُمْ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا. فَقَالُوا لَهُ: قَدْ بَلَّغْت يَا أَبَا الْقَاسِمِ. فَقَالَ: ذَلِكَ أُرِيدُ ثُمَّ قَالَهَا الثَّانِيَةَ، فَقَالُوا: قَدْ بَلَّغْت يَا أَبَا الْقَاسِمِ، ثُمَّ قَالَ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: اعْلَمُوا أَنَّمَا الْأَرْضُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ. وَأَنِّي أُرِيدُ أَنْ أُجْلِيَكُمْ، فَمَنْ وَجَدَ مِنْكُمْ بِمَالِهِ شَيْئًا فَلْيَبِعْهُ، وَإِلَّا فَاعْلَمُوا أَنَّمَا الْأَرْضُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ»، وَلِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِعْلِهِ، وَمِنْ حُكْمِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَمَلِهِ نَظَائِرُ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى بَيْعِ الْمُضْطَرِّ أَحْكَامٌ، بَيَانُهَا فِي كُتُبِ الْفُرُوعِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute