[مَسْأَلَة مِنْ الْأَمَانَات الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: تَخْتَصُّ بِالْأَحْكَامِ مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ:
ثَلَاثَةٌ:
الْأَوَّلُ: الْوَدَائِعُ؛ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا، وَأَوْضَحْنَا وَجْهَ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ فِيهَا، وَهَلْ تُقَابَلُ بِخِيَانَةٍ أَمْ لَا؟ الثَّانِي: أَمَانَةُ الْمَرْأَةِ عَلَى حَيْضِهَا وَحَمْلِهَا.
وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.
الثَّالِثُ: الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ، وَهُمَا أَمَانَتَانِ عَظِيمَتَانِ لَا يَعْلَمُهُمَا إلَّا اللَّهُ، وَكَذَلِكَ الصَّوْمُ؛ وَلِأَجْلِ ذَلِكَ جُعِلَ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَهُوَ يَجْزِي بِهِ حَسْبَمَا وَرَدَ، وَلِذَلِكَ قَالَ عُلَمَاؤُنَا: إنَّ الطَّهَارَةَ لَمَّا كَانَتْ خَفِيَّةً لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ كَانَ الْحُكْمُ فِيهَا إذَا صَلَّى إمَامٌ بِقَوْمٍ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ مُحْدِثٌ، فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَحْدَهُ، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ حَدَثَهُ أَوْ طَهَارَتَهُ لَا تُعْلَمُ حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا تُعْلَمُ بِظَاهِرٍ مِنْ الْقَوْلِ، وَاجْتِهَادٍ فِي النَّظَرِ؛ لَيْسَ بِنَصٍّ وَلَا يَقِينٍ، وَقَدْ أُدِّيَتْ الصَّلَاةُ وَرَاءَهُ بِاجْتِهَادٍ؛ وَلَا يُنْقَضُ بِاجْتِهَادٍ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُهُ لِلْحَدَثِ غَيْرَ صَحِيحٍ، وَهُوَ أَيْضًا نَاسٍ فِيهِ؛ إذْ هُوَ غَيْرُ مُحَقِّقٍ لَهُ حَتَّى بَالَغُوا فِي ذَلِكَ النَّظَرِ، وَاسْتَوْفَوْا فِيهِ الْحَقَّ، فَقَالُوا: إنَّ الْإِمَامَ إذَا قَالَ: صَلَّيْت بِكُمْ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا سَنَةً مُتَعَمِّدًا لِتَرْكِ الطَّهَارَةِ مَا اسْتَقْبَلْت فِيهَا قِبْلَةً بِوُضُوءٍ، وَلَا اغْتَسَلْت عَنْ جَنَابَةٍ، ذَنْبًا ارْتَكَبْته؛ وَسَيِّئَةً اجْتَرَمَتْهَا، وَأَنَا مِنْهَا تَائِبٌ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَاحِدٍ مِمَّنْ صَلَّى وَرَاءَهُ إعَادَةٌ؛ وَاَللَّهُ حَسِيبُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ غَيْرُ مُتَحَقَّقٍ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْحَقُّ وَالصِّدْقُ، وَهَذَا كَذِبٌ لِعِلَّةٍ أَوْ حِيلَةٍ أَوْ لِتَهَوُّرٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَا رَبَّ غَيْرُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute